قال الدكتور مصطفى السباعي في كتاب ( السنة
ومكانتها في التشريع الإسلامي ) تعليقاً على موقف المهدي من غياث الكذّاب : ( مع
الأسف أنّ خليفة كالمهدي رغماً عن اعترافه بكذب غياث بن إبراهيم وزيادته في الحديث
تقرباً إلى هواه ، كافأه بعشرة الآف درهم. وما تقوله الرواية من أنّه أمر بذبح
الحمام لأنّه كان سبباً في هذه الكذبة ، فهو مدعاة للعجب ... إذ كان خيراً للمهدي
أن يؤدب هذا الكاذب الفاجر ويترك الحمام من غير ذبح بدل من أن يذبح ، ويترك من
يستحق الموت حرّاً طليقاً ينعم بمال المسلمين ) .
أمّا نحن فنرى للمهدي تساهلاً آخر مع
كذّاب آخر ، وهو مقاتل ابن سليمان البلخي ، فقد قال مقاتل : ( إن شئت وضعتُ لك
أحاديث في العباس وبنيه ) ، فقال له المهدي لا حاجة لي فيها ... ثم لم يفعل معه
شيئاً. بل تجد أنّهم ذكروا عن الرشيد وقد روى له أبو البختري الكذّاب حديثاً
مكذوباً أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كان يطير الحمام! لا يزيد في تأنيب
أبي البختري ـ وقد أدرك كذبه على أن يقول له : أخرج عني ، لولا أنّك من قريش
لعزلتك. وقد كان هذا الكذّاب قاضياً للرشيد ... إنّ هذه المواقف ممّا يحاسب الله
عليها هؤلاء الخلفاء إن صحت عنهم تلك الروايات ...
أقول
: ومهما أسأنا الظنّ بالمهدي العباسي
فإنّا لا يسعنا تجاهل معرفته بالحديث النبوي الشريف وتمييز ما هو صحيح وما هو
موضوع ،
____________________