بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
هذه دراسة منهجية لمعلم بارز من معالم البلاغة القرآنية ، تحتضن « مجاز القرآن » في خصائصه الفنية وبلاغته العربية ، وتمتد لجذوره الأولى بالبحث والكشف ، وتستوعب أصنافه البيانية بالإيضاح والإبانة ، أخذت من القديم أصالته وروعته ، واستلهمت من الحديث تطوره ومرونته ، فانتظم هذا وذاك في مناخ تصويري متكامل ، يعنى من مجاز القرآن بالعبارة حينا ، وبالأسلوب حينا آخر ، وبألفاظ فيما بينهما ، ويخلص في مهمته الى رصد القدرة الإبداعية الناصعة ، ولمس الأداء التعبيري المتطور في لغة القرآن العظيم.
ويعود السبب في اختيارنا « مجاز القرآن » مادة لهذا البحث ، جدة موضوعة ، ودقة أبعاده ، ووفرة خصائصه ، مما يوصلنا الى المغلق في هذا الفن ، ويوقفنا على المجهول من هذا المنظور. لقد بحث مجاز القرآن على صعيد لغوي خالص عند القدامى ، ولم تمتد يد الباحثين الى قيمته البلاغية عملا مستقلا ، ولم نجد من حقق القول في حدّه الاصطلاحي أو بعده الموضوعي ، أو أصالته البيانية ، بل كان موضوعه في البحث باعتباره أصلا لغويا في المفردات ، ومعبرا تفسيريا للكلمات تلك مظنة كتب معاني القرآن ، ومعاجم غريب القرآن.
وكان لا بد لهذه القاعدة أن تشذ ، ولهذا الإطراد أن يتزلزل ، فجاء « تلخيص البيان » للشريف الرضي ( ت : ٤٠٦ هـ ) متخصصا في مجازات القرآن ، ولكنه المجاز بالمعنى العام الذي يشمل الأستعارة والتمثيل والتشبيه والكناية والتورية في جملة ما ورد عرضه فيه مؤكدا الأستعارة ان لم يكن