الأشياء ، والأزلي في كل تقلبات الأحوال نشاهد توالي التعبير المجازي في مثل هذه المظاهر ، وهي معبرة عن الخلود حينا ، وعن التنزيه حينا آخر ، ووصفه بما عبر عنه حقيقة لكان تجسيما ، ولو أريد به ظاهره لكان تشبيها ، ولو ترك وحاله لتعاورته الزمانية والمكانية وهكذا ؛ وسيمر في فصل المجاز العقلي وفصل المجاز اللغوي ، وما يشير الى هذا الموضوع من وجوه أخرى ، ونشير إليه هنا بما يدفع هذه الشبهات ويصفي حسابها ، ففي كل من قوله تعالى :
أ ـ ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (٢٧) )(١).
ب ـ ( كل شيء هالك إلاّ وجهه ) (٢).
ج ـ ( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلّت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ) (٣).
د ـ ( تجري بأعيننا ) (٤).
هـ ـ ( ثمّ استوى الى السماء فسوّاهن سبع سماوات ) (٥).
و ـ ( وجآء ربّك والملك صفّا صفّا (٢٢) ) (٦).
في هذه الآيات إطراء بالخلود تارة ، وإشارة بالقوى والقدرة تارة أخرى ، وإشعار بالعناية سواهما ، وتشبث في الحركة والنقلة لمن حمل الأمر على ظاهره.
ولكن الموضوع ينقلب الى تنزيه عن الصفات التي يتمتع بها الناس ، والابتعاد عن المتعارف من الجوارح والأحداث وذلك على طريقة العرب في الاستعمال وسنن الكلام.
في الآيتين ( أ ، ب ) أطلق الوجه باعتباره أشرف الأعضاء لمن يتصف بها وهي قابلة له ، وأريد به هنا الذات القدسية دون إرادة التجسيم أو التركيب أو الكيفية أو المواصفات في الوجه وأجزائه ، وهذا ما يفسره لنا
__________________
(١) الرحمن : ٢٧.
(٢) القصص : ٨٨.
(٣) المائدة : ٦٤.
(٤) القمر : ١٤.
(٥) البقرة : ٢٩.
(٦) الفجر : ٢٢.