الاوقات التي كنت مقيما بدار السلام ، فأشار بعض الاقوام بلقاء بعض أبناء الدنيا من ولاة البلاد الحلية ، فأقمت بالحلة لشغل كان لي شهرا فكنت كل يوم أستصلحه للقائه أستخير الله جل جلاله أول النهار وآخره في لقائه في ذلك الوقت فتأتي الاستخارة لا تفعل ، فتكملت نحو خمسين استخارة في مدة إقامتي كلها لا تفعل ، فهل يبقى مع هذا عندي ريب لو كنت لا أعلم حال الاستخارة أن هذا صادر عن الله جل جلاله العالم بمصلحتي ، هذا مع ما ظهر بذلك من سعادتى ، وهل يقبل العقل أن يستخير الانسان خمسين استخارة تطلع كلها اتفاقا لا تفعل.
ومما وجدت من عجايب الاستخارات أننى قد بلغت من العمر نحو ثلاث و خمسين سنة ولم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات وما وقع أبدا فيها خلل ، ولا ما أكره ، ولا ما يخالف السعادات والعنايات ، فأنا فيها كما قال بعضهم :
قلت للعاذل لما جاءنى |
|
من طريق النصح يبدي ويعيد |
أيها الناصح لي في زعمه |
|
لا ترد نصحا لمن ليس يريد |
فالذي أنت له مستقبح |
|
ما على استحسانه عندي مزيد |
وإذا نحن تباينا كذا |
|
فاستماع العذل شئ لا يفيد |
ومنه : قال أخبرنى شيخى الفقيه محمد بن نما والشيخ أسعد بن عبدالقاهر الاصفهانى باسنادهما ، عن الحسن بن محبوب ، عن علي بن رئاب ، عن عبدالرحمن ابن سيابة قال : خرجت إلى مكة ومعي متاع كثير فكسد علينا ، فقال بعض أصحابنا : ابعث به إلى اليمن [ وبعض أصحابنا : ابعث به إلى مصر ] ظ فذكرت ذلك لابي عبدالله عليهالسلام فقال : لى ساهم بين مصر واليمن ، ثم فوض أمرك إلى الله ، فأي البلدين خرج اسمه في السهم فابعث إليه متاعك ، فقلت : كيف اساهم؟ قال : اكتب في رقعة » بسم الله الرحمن الرحمى إنه لا إله إلا أنت عالم الغيب والشهادة أنت العالم و أنا المتعلم فانظر في أي الامرين خير لى حتى أتوكل عليك فيه ، فأعمل به » ثم اكتب مصرا إنشاء الله ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ثم اكتب اليمن إن شاء الله ثم اكتب في رقعة اخرى مثل ذلك ، ثم اكتب يحبس إنشاء الله ولا يبعث به إلى بلدة منهما