المختلفة حتى صارت أفلاكا ، وكانت الارض واحدة فجعلت باختلاف كيفياتها و أحوالها طبقات وأقاليم ، وقيل كانت بحيث لا فرجة بينهما ففرج ، وقيل كانتا رتقا لا تمطر ولا تنبت ففتقنا بالمطر والنبات ، ولعل الاوسط هنا أنسب.
« فرسخ » أي ثبت « سنخها » أي أصلها « ذراها » أي أعاليها « فاستقرت » أي الارض « على الرواسي » أي بسببها « وخففت عنها بالاحياء والاموات » (١) لعل المعنى خلقت منها الحيوانات والنباتات والجمادات ، فالمراد بالاموات الاخيرتين أو الاخيرة ، فلما اخذت منها فكأنما خففت عنها وإن كان ثقلها عليها أيضا أو خففت عنها بسبب الاحياء والاموات لغذائهم ولباسهم وأكفانهم ومساكنهم ، أو بالاحياء فيموتون أو بالاموات فيصيرون رفاتا ورميما وفي بعض النسخ بالحاء المهملة من حفت المرءة وجهها من الشعر أي أذهب المياه والجبال عن بعض وجه الارض لا نتفاع الاحياء والاموات والاول أيضا يحتمل هذا المعنى.
« مع حكيم » أي محكم متقن « من أمرك » أي تقديرك وتدبيرك « ونافخ النسيم » أي الروح كما في بعض النسخ لانها تتحرك وتجري في البدن كالنسيم « لطفت في عظمتك » أي كنت لطيفا مع نهاية عظمتك أي مجردا وأنت ألطف من جميع اللطفاه وتجردك أكثر من الجميع أو لطفك بالنسبة إلى العباد مع نهاية عظمتك واستغنائك أكثر من جميع اللطفاه ، وكذا « لطفت للناظرين » يحتمل الوجهين.
« تبطنت » أي علمت بواطنهم أو استخفيت منهم للظاهرين من خلقك أي لكل من دخل في الوجود منهم ، والقطرات كأنه جمع قطرة بمعنى الناحية « منتهاك » أي منتهى خلقك أو عرشك « وأن ترزقني الرغبة » أي ما رغبت فيه إليك وسألتك « ما قصرت عنه رغبتي » أي لم أسألكه لجهلي أو نسياني أو غفلتي.
« في الملك » (٢) أي في الالوهية « ولي من الذل » أي ولي يوليه من أجل
____________________
(١) والاظهر : حففت متنها كما مر ، والمعنى ظاهر.
(٢) تتمة الدعاء ص ١٦٤ ، في قوله ولم يكن له شريك في الملك.