والضمير في ( قراره ) راجع إلى الشئ وإرجاعه إلى الله بعيد أي جعل لكل شئ بحسب الامكنة الظاهرة والباطنة والدرجات الصورية والمعنوية والاستعدادات والقابليات مقرا لايمكنه تعديه وتجاوزه فكأنه يهابه ، فعبر عن عدم تجاوزهم عن مقتضى إرادته ومشيته بالهيبة ، لان من يهاب أحدا لايخرج عن أمره ، وإن كان ظاهره أن للجمادات أيضا شعورا كما قيل ، والملكة المالكية والسلطنة ، و الخضوع الانقياد والطاعة.
أن تقع أي من أن تقع أو كراهة أن تقع ( إلا باذنه ) أي إلا بمشيته وذلك يوم القيامة ( وأن تقوم ) عطف على السماء ، وربما يقرء بالكسر بناء على كونها نافية ، ويكون من عطف الجملة على الجملة ، وكذا الجملة التالية تحتمل الوجهين ، والاحتمال الاخير بعيد فيهما.
( نحمده على ما كان ) من النعماء والضراء ( ونستعينه من أمرنا على ما يكون ) أي على ما يكون بعد ذلك من امورنا للدنيا والاخرة ، وفي النهج (١) بعده : ونسأله المعافات في الاديان كما نسأله المعافات في الابدان ، يقال : عافاه الله من المكروه معافاة وعافية ، أي وهب له العافية ، وقيل المعافاة أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك ، والتشبيه لشدة اهتمام الناس بالمشبه به ، وإن كان المشبه أهم وأحرى بالطلب عند اولى الالباب.
( وجبار الارضين والسموات ) أي الجبار فيهما أو جبارهما بايجادهما و إعدامهما وساير ما يتصرف فيهما ، قال في النهاية : الجبار في أسمائه تعالى الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي ، وقيل هو العالي فوق خلقه ( القهار ) أي الغالب على جميع الخلق أو معذبهم أو قهر العدم وأوجد الاشياء منه ( الكبير ) أي العظيم ذوالكبرياء والمتعالي عن صفات الخلق ، حذفت الياء تخفيفا وابقيت الكسرة لتدل عليها.
____________________
(١) نهج البلاغة تحت الرقم ٩٧ من قسم الخطب التقط منها غررها ، وهى نحو عشرين بيتا منها ، أوله : نحمده على ما كان الخ.