بيان : اعلم أن أكثر الاصحاب نقلوا الاجماع على وجوب الاستقبال في فرائض الصلوات يومية كانت أو غيرها إلا صلاة الخوف ، وعند الضرورة ، ومع قطع النظر عن الاجماع إثبات ذلك في غير اليومية بالآيات والاخبار لايخلو من عسر ، والفرائض الواردة في الخبر يحتمل التخصيص باليومية ، لكن المقابلة بالنافلة يؤيد العموم.
وأما النوافل فالمشهور بين الاصحاب اشتراط الاستقبال فيها إذا لم يكن راكبا ولا ماشيا ، وكان مستقرا على الارض ، وظاهر المحقق والشيخ في الخلاف وبعض المتأخرين جواز فعل النافلة إلى غير القبلة مطلقا ، وقالوا باستحباب الاستقبال فيها واستدلوا بالآية الاولى كما عرفت ، وقد قال في المعتبر : قد استفاض النقل أنها في النافلة ، وفي المنتهى والتذكرة : وقد قال الصادق عليهالسلام إنها في النافلة ، والتقييد بالسفر في هذا الخبر يعارضه ، والمسألة لاتخلو من إشكال ، والاحتياط في العبادات أقرب إلى النجاة.
وأما جواز النافلة في السفر على الراحلة ، فقال في المعتبر إنه اتفاق علمائنا طويلا كان السفر أو قصيرا ، وأما الجواز في الحضر فقد نص عليه الشيخ في المبسوط والخلاف ، وتبعه جماعة من المتأخرين ، ومنعه ابن أبي عقيل ، والاظهر جواز التنفل للماشي والراكب سفرا وحضرا مع الضرورة والاختيار ، للاخبار المستفيضة الدالة عليه ، لكن الافضل الصلاة مع الاستقرار ، ولعل الاحوط أن يتنفل الماشي حضرا وإن كان الاظهر فيه أيضا الجواز ، لعلة ورود الاخبار فيه ، ويستحب الاستقبال بتكبيرة الاحرام ، وقطع ابن ادريس بالوجوب ويدفعه إطلاق أكثر الاخبار ، ويكفي في الركوع والسجود الايماء وليكن السجود أخفض ، ولايجب في الايماء للسجود وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه ، ولو ركع الماشي وسجد مع الامكان كان أولى.
____________________
في حال الاختيار من دون عذر فلم يأخذ بهذا الاقتضاء لكونه مستلزما للرغبة عن القبلة المختارة فعلى المسلمين أن يتأدبوا بأدبه صلىاللهعليهوآله لقوله تعالى « لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر ».