تحقيق أنيق
اعلم أنه حكى الفاضلان وغيرهما الاجماع على أن الفعل الكثير الخارج من الصلاة مما لم يكن من جنسها عامدا مبطل قال في المنتهى : ويجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصلاة ، فلو فعله عامدا بطلت صلاته ، وهو قول أهلم العلم كافة ، لانه يخرج به عن كونه مصليا ، والقليل لايبطل الصلاة بالاجماع ، قال : ولم يحد الشارع القلة والكثرة ، فالمرجع في ذلك إلى العادة ، وكل ماثبت أن النبي والائمة عليهماالسلام فعلوه في الصلاة أو أمروا به فهو من القليل ، كقتل البرغوث والحية والعقرب ، وكما روى الجمهور عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه كان يحمل أمامة بيت أبي العاص فكان إذا سجد وضعها فاذا قام رفعها (١) انتهى.
وللاصحاب في تحديده اختلاف شديد ، فمنهم من حدده بما سمي كثيرا عرفا ، ومنهم من قال : مايخرج به فاعله عن كونه مصليا عرفا وفي السرائر ماسمي في العادة كثيرا مثل الاكل والشرب واللبس وغير ذلك مما إذا فعله الانسان لايسمى مصليا بل يسمى آكلا وشاربا ، ولا يسمى فاعله في العادة مصليا.
وقال العلامة في التذكرة : اختلف العلماء في حد الكثرة فالذي عول عليه علماؤنا البناء على العادة ، فما يسمى في العادة كثيرا فهو كثير ، وإلا فلا ، لان عامة الشرع رد الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم ، وبه قال بعض الشافعية.
وقال بعضهم : القليل مالا يسمع زمانه لفعل ركعة من الصلاة ، والكثير ما اتسع وقال بعضهم : مالايحتاج إلى فعل اليدين معا كرفع العمامة وحل الازرار فهو قليل وما يحتاج إليهما معا كتكوير العمامة وعقد السراويل فهو كثير ، وقال بعضهم : القليل مالايظن الناظر إلى فاعله أنه ليس في الصلاة والكثير مايظن به الناظر إلى فاعله الاعراض عن الصلاة انتهى.
أقول : ماذكره إنما يتجه إذا ورد هذا اللفظ في نص ولم يعلم له حقيقة شرعية
____________________
(١) رواه أبوقتادة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، في حديث متفق عليه كما في مشكاة المصابيح ص ٩٠.