يظهر الليل بعكس النهار ترتيبا وصفة ، لغروب الشمس أولا ثم ظهور الحمرة ، ثم الصفرة ، ثم البياض ، ثم تزداد الظلمة إلى الغسق ، ثم تنتقص إلى طلوع الفجر ، فالليل مقلوب النهار ، والنهار مقلوب الليل.
ويمكن أن يقال النكتة في جعل الشفق في أحد الطرفين من النهار ، وفي الاخر من الليل أن الانسان بعد نوم الليل والاستراحة يغتنم أدنى ضوء للحركة والانتشار لطلب المعاد والمعاش ، بخلاف انتهاء اليوم فانه لكثرة مشاغلة في اليوم وتضجره منها يغتنم أدنى ظلمة لترك الاعمال والاستراحة ، فلذاعد من الليل.
وأما الاستدلال بأن الغسق نهاية الظلمة ، وهو منتصف ما بين الطلوع والغروب فهو إنما يتم إذا كان المراد بالغسق جزء غير منقسم كالزوال ، وهو في محل المنع بل الظاهر من إطلاقات اللغويين أنه قدر من الزمان في وسط الليل تشتد فيه الظلمة ، فيمكن أن يكون ابتداؤه موافقا لمنتصف ما بين الغروب إلى الفجر.
وأما الاخبار الواردة في ذلك فهي أكثر من أن تجتمع في موضع ، ولنذكر هنا مايكفى في الدلالة على المقصود والجرعة تدل على الغدير ، والحفنة على البيدر الكبير ، وأرجو الاعانة من العليم القدير.
١ ـ الاحتجاج : عن الحسن بن محبوب ، عن سماعة قال : قال أبوحنيفة لابي عبدالله عليهالسلام : كم بين المشرق والمغرب؟ قال : مسيرة يوم بل أقل من ذلك قال : فاستعظمه فقال يا عاحز لم تنكر هذا؟ إن الشمس تطلع من المشرق وتغرب في المغرب ، في أقل من يوم تمام الخبر (١).
بيان : ظاهره أن الاقل باعتبار انضمام ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وان أمكن أن يكون باعتبار الافق الحسى والافق الحقيقى لكنه بعيد و الاستدلال بالظواهر.
٢ ـ العلل والخصال : عن أبيه ، عن محمد بن يحيى العطار ، عن محمد بن أحمد الاشعري ، عن إبراهيم بن إسحاق ، عن محمد بن الحسن بن شمون ، عن أبي هاشم
____________________
(١) الاحتجاج : ١٩٧