١ ـ ختم القاضى رحمهالله الفقرة الأولى من كتابه بقوله : « وعلى هذا الوجه قلنا إن المعجزات لما كانت بمنزلة الأخبار فى أنها لا يمكن أن يعلم أنها صحيحة إلا بعد العلم بحال الفاعل وحكمته ، لم يمكن أن يستدل بها على النبوات من أجاز على الله عز وجل فعل القبيح ، وقلنا : يجب أن لا نأمن أنه تعالى أظهرها على [ من ] يدعو إلى الضلال والفساد ، ويصد عن الهدى والرشاد »
وإضافة كلمة [ من ] لا يحتاج إلى تعليق. أما الخلاف فكان فى كلمة « أجاز » لأنها كانت فى الأصل ـ كما أشرنا إلى ذلك فى الهامش ـ « اختار » ، فزعم من زعم أن تغييرها عبث بالنص وقلب للمعنى الذى قصد إليه القاضى ، وأنه تعمد اختيارها للتشنيع على الخصوم!
وجوابنا : أن للقاضى ، وغيره أن يشنع على الخصوم ، ولكن بالحق لا بالباطل ، ولم يكن القاضى ـ رحمهالله ـ من المبطلين! ثم إن الخلاف بين القاضى وخصومه ليس فى أنهم « اختاروا » على الله فعل القبيح ، ولم يختره هو وقومه ، لأن كل المسلمين ، علماءهم وعوامهم ، متفقون على أنه تعالى يفعل الحسن ، إنما الخلاف فى « جواز » فعله للقبيح ـ بالمفهوم الإنسانى ـ وعدم جوازه ، « فأجاز » ذلك قوم ومنعه آخرون. وليس فى الإسلام فرقة « اختارت » على الله فعل الحسن ، وأخرى « اختارت » عليه القبيح! فلا تعدو كلمة « اختار » فى النص أن تكون من تصحيفات الناسخ.
ثم إن القاضى لم يبلغ من العى أن يقول « اختار على الله » ويعنى بها : « اختار لله » أو اختار كذا لله ، وما نعلم أن العرب يقولون فى اختيار المرء