كتاب القاضى بين كتب الفرق الأخرى :
أما أصحاب الفرق الأخرى فما وصل إلينا ما يدل على أن واحدا منهم قد نسج على منوال القاضى فى كتابه ، فأوّل جميع الآيات المتشابهة لتوافق المحكم الدال على مذهبه فيما يعتقد ، وأصّل الاستدلال بهذا المحكم على ما يقول ، وإن كان من الممكن هنا الإشارة إلى كتاب : « تأويلات أهل السنة » لأبى منصور الماتريدى المتوفى سنة ٣٣٣ فإنه وإن كان تفسيرا كاملا للقرآن لم يقصره على المحكمات والمتشابهات ، إلا أنه يطيل الوقوف عند هذا النوع من الآيات ، ويرد فى ذلك على سائر الفرق ، ولعل هذا مما حمله على تسميته كتابه بهذا الاسم (١).
وكتاب : « الرد على الجهمية والزنادقة فيما شكوا فيه من متشابه القرآن وتأولوه على غير تأويله (٢) » المنسوب للإمام أحمد بن حنبل الذى أول فيه بعض الآيات على خلاف تأويل الجهمية لها ، مثل آيات الرؤية والعرش ونحو ذلك ، أو بعبارة أخرى : التى رفض فيها تأويل الجهمية ، حملا لها على الظاهر ، حتى زعم مثلا أن الله على عرشه فى السماء (٣) ، أو مستدلا على هذا الرفض ببعض الروايات ، حتى إنه ذهب فى إثبات تكليم الله لموسى بكلام سمعه إلى الاستشهاد بحديث الزهرى أن موسى لما رجع إلى قومه وسألوه أن يشبه لهم كلام الله ، قال : « هل سمعتم الصواعق التى تقبل فى أحلى حلاوة سمعتموها؟ فكأنه
__________________
(١) راجع ( تأويلات أهل السنة ) مخطوط دار الكتب المصرية : ٢٧٣٠٦ ب وهو يقع فى ثلاث مجلدات ضخام.
(٢) انظر الكتاب ضمن مجموعة نشرها الشيخ محمد حامد الفقى باسم ( شذرات البلاتين من طيبات كلمات سلفنا الصالحين ) من ص : ٤ ـ ٤٠. بمطبعة السنة المحمدية سنة ١٣٧٥.
(٣) شذرات البلاتين ، ص : ٣٣ ـ ٣٤.