صفحة واحدة من صفحات الكتاب ـ ببعض الشواهد :
١ ـ ففي مسألة الاستواء السابقة فى قوله تعالى : ( ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ ) بين القاضى أن الاستواء محتمل فى اللغة ، ومنصرف فيها إلى وجوه ، وأن مواقعه تختلف بحسب ما يتصل به من القول ، والمراد به فى الآية : القصد لخلق السماء ، « لأنه عداه إلى ، ولا يكاد يعدى بـ « إلى » إذا أريد به الاستواء على المكان (١) ».
٢ ـ ويرد القاضى على الذين يجوزون على الله المكان واللقاء ، استنادا إلى قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ ) فيقول : إن المعنى أنهم ملاقو ما وعدهم به من الثواب ، وأنهم يرجعون إلى حيث لا يملك الأمور سواه ، قال القاضى : « وليس اللقاء هو التجاور على جهة المشاهدة ، لأن الضرير قد يلقى غيره إذا سمع خطابه ، وإن لم يشاهده ، وقد يبعد من مخاطبه ، ويعد ملاقيا له (٢) ».
٣ ـ ويقول القاضى فى استدلال الذين يقولون إن المعاصى من قبله تعالى بقوله تعالى : ( وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ ، يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ ) ـ لمكان إضافتها إليه سبحانه ـ إن هذا الاستدلال باطل ، لأن المراد بالبلاء هو الإحسان ، حيث نجاهم ممن يعاملونهم بهذه المعاملة ، قال القاضى ، « والكلام فى أن الأيادى والإحسان يسمى بلاء ظاهر فى اللغة (٣) ».
٤ ـ وفى موضع آخر يستدل القاضى على أن أفعال العباد ليست من خلقه
__________________
(١) انظر ص : ٧٣.
(٢) انظر ص : ٨٨.
(٣) انظر ص : ٩١.