تعالى ، بالآية الكريمة ( فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ، فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ ) ويقول فى ذلك : « إن أقوى الإضافات فى الفعل أن يضاف إلى فاعله ، فلو كان تعالى خلق ما كتبوه لما صح أن ينفيه عن نفسه مع أنه الذى خلقه وأوجده »!
فإن اعترض على القاضى بأنهم يضيفون الطاعة إليه تعالى وإن لم يفعلها ، قال : « إن الذى قلناه إن ما يفعله لا يجوز أن ينفى عنه فلا يضاف إليه ، ولم نقل إن كل ما أضيف له فهو فعله » ثم يتحدث عن أنواع الإضافات فى اللغة فيقول : « قد يضاف الشيء إلى من فعله ، وقد يضاف إلى من أعان عليه وسهل السبيل إليه ولطف فيه ، وقد يضاف إلى من فعل ما يجرى مجرى السبب له ، ولذلك قد يضاف ما يفعله أحدنا من الإحسان إليه ؛ لأنه فعله ، وقد يضاف أدب ولده إليه وإن كان من فعل الولد ، لما فعل المقدمات التى عندها يتأدب ....
وهذا ظاهر فى اللغة ، ولا يعرف فى اللغة قطع إضافة الفعل عن فاعله البتة (١) ».
ومن شواهد الاعتماد على النظم والسياق
١ ـ وحمل القاضى قوله تعالى فى الكفار : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) على التشبيه ، لأنهم لشدة تمسكهم بالكفر ، وإخراجهم أنفسهم أن ينتفعوا بما يسمعون ويبصرون ، كانوا بمنزلة من لا يسمع ولا يبصر. ولم يجوز أن يكون فى الآية دلالة على أنه جعل الكفار ممنوعين من الإيمان ، كما زعم بعضهم ، لأن قوله تعالى فى آخر الآية ( فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ) لو كان المراد به التحقيق لم يكن لذلك تعلق
__________________
(١) انظر ص : ٩٦ ـ ٩٧.