متناقض فى دلالته ، « لأنه يدل ظاهره على أمور مختلفة فى الديانات ». فيقول : إنهم قد أتوا فى ذلك من جهة الجهل بالله تعالى وما يجوز عليه وما لا يجوز ، ومن جهة اللغة (١) ، ثم يلخص ما قاله فى مقدمة كتابه فى المتشابه حول صحة الدلالة بالقرآن ووجوب عرض المحكم والمتشابه على أدلة العقول ، فيقول :
« وقد بينا فى مقدمات كتاب « المتشابه » أن المتعلق بمثل ذلك لا يخلو من أن يزعم أن القرآن دلالة على التوحيد والعدل ، أو يقول : لا نعلم صحة دلالته إلا بعد العلم بالتوحيد العدل ، وبينا فساد القول الأول بأن قلنا : إن من لا يعرف المتكلم ، ولا يعلم أنه ممن لا يتكلم إلا بحق ، لا يصح أن يستدل بكلامه ، لأنه لا يمكن أن يعلم صحة كلامه إلا بما قدمناه ، لأنه لا يصح أن يعلمه بقوله : إن كلامه حق ، لأنه إذا جوز فى كلامه أن يكون باطلا ، يجوز فى هذا القول أيضا أن يكون باطلا!
« وإذا وجب تقدم ما ذكرناه من المعرفة ، ليصح أن يعرف أن كلامه تعالى حق ودلالة ، فلا بد أن يعرض ما فى كتاب الله من الآيات الواردة فى العدل والتوحيد ، على ما تقدم له من العلم ، فما وافقه حمله على ظاهره ، وما خالف الظاهر حمله على المجاز ، وإلا كان الفرع ناقضا للأصل. ولا يمكن فى كون كلامه تعالى دلالة سوى هذه الطريقة » (٢) :
ثم يقول فى الرد على من زعم التناقض : « فإذا ثبت ما قدمناه لم يمكنهم ادعاء الاختلاف والمناقضة فيه ، لأنه محكمه ومتشابهه سواء فى أنهما لا يدلان ،
__________________
(١) انظر المغنى ، الجزء السادس عشر ( إعجاز القرآن ) ص : ٣٩٤.
(٢) انظر المصدر السابق. ص : ٣٩٥.