وأنه لا يجوز أن يختار القبيح. ثم حكم عليهما بالاختلاف من وجه آخر ، وهو أن المتشابه يحتاج إلى فكر مبتدأ ونظر مجدد ، ليحمل على الوجه الذى يطابق المحكم أو دليل العقل. ثم قال بعد ذلك : « فأما إذا كان المحكم والمتشابه واردين فى التوحيد والعدل ، فلا بد من بنائهما على أدلة العقول ؛ لأنه لا يصح ممن لم يعلم أنه جل وعز حكيم لا يختار فعل القبيح ، أن يستدل على أنه جل وعز بهذه الصفة بكلامه »!!
ولذلك يرى أن المخالفين فى العدل والتوحيد يمكن أن نحجهم بذكر المحكم ونبين مخالفتهم لما أقروا بصحته فى الجملة ، ليتبينوا أنهم خالفوا الكتاب ، كما خرجوا عن أدلة العقول. ثم يقول : « فأما أن يمكن أن نبين للجاهل بالله تعالى وبحكمته ، أن الله عز وجل لا يختار فعل القبيح ، وأنه لا يشبه الأعراض والأجسام ، والقرآن محكمه ومتشابهه ، فذلك لا يصح ».
وهكذا ينفذ القاضى من هذا كله إلى القول بوجوب ترتيب المحكم والمتشابه جميعا على أدلة العقول ، والحكم « بأن ما لا يحتمل إلا ما تقتضيه هذه الجملة يجب أن يثبت محكما ؛ وما احتمل هذا الوجه وخلافه فهو المتشابه » ومن ثم يرى ضرورة تأويل ظواهر الكتاب المخالفة لأصول العدل والتوحيد ، بعد الحكم عليها بأنها من المتشابه.
القاضى يدافع عن هذا المنهج العقلى
هذا المنهج العقلى الذى ينطلق منه القاضى فى تفسير القرآن ، وفى الحكم على المحكم والمتشابه ، يؤكده فى مناسبات كثيرة ، ويدل عليه بعبارات مختلفة ، ففي كتابه « إعجاز القرآن » نجده يرد على من يدعى أن القرآن