فهذا نص قاطع فى بيان موضوع الكتاب ، وأنه كتبه بعد أن أملى تفسيره وكتابه فى المتشابه ، وكتبا أخرى تعرض فيها لرد المطاعن عن القرآن ، كالإعجاز وخلق القرآن ـ جزءان من المغنى ـ فجمع فيه تلك المتفرقات المتصلة برد المطاعن.
وقد حمله ذلك ، فيما يبدو ، على أن يجمل فيها القول ، ويختصر المناقشات والردود ، فجاء الكتاب ـ على تنوع المطاعن ـ مختصرا موجزا إذا قيس بالمتشابه الذى خصه بطائفة معيّنة من الآيات ، أو إذا قيس بسائر كتبه رحمهالله.
ثانيا : متشابه القرآن
أما كتابنا « متشابه القرآن » فهو أهم ما وصلنا من كتب القاضى فى التفسير ، ومن أهم كتب المعتزلة فى الكشف عن منهجهم فى تفسير القرآن.
١ ـ منهج القاضى فى الكتاب
عمد القاضى فى هذا الكتاب إلى الآيات المتشابهة ، فأولها وبين حقيقة المراد منها ، كما وقف عند كثير من الآيات المحكمة ، ففسرها وأصّل الاستدلال بها ؛ كلّ فى موضوعه الخاص ، وعند القاضى ـ كما قدم فى صدر كتابه ـ أن أقوى ما يعلم به الفرق بين المحكم والمتشابه : أدلة العقول ، وأنه لا بد لذلك ، من بناء المحكم والمتشابه جميعا على هذه الأدلة ، لأن « موضوع اللغة يقتضى أنه لا كلمة فى مواضعتها إلا وهى تحتمل غير ما وضعت له ، فلو لم يرجع إلى أمر لا يحتمل ؛ لم يصح التفرقة بين المحكم ولنتشابه » (١).
__________________
ـ أعددناها للكتاب ، والتى ألمحنا فيها كذلك لكثير من الأخطاء والتصحيفات الفاحشة التى زادها الناشر على تصحيفات النسخة الوحيدة التى طبع عنها الكتاب ؛ حتى وجدناه كثيرا ما يقلب المعانى! ويتبرع بالزيادة على النص أو الحذف منه حيث لا يروقه المعنى أو يقصر عن فهمه. أو لا يجده مؤدى بعبارة « أزهرية »!
(١) انظر الفقرة ٣ من كتاب القاضى.