الجملة الفعليّة إلى الاسميّة للدلالة على الدوام ؛ لأنّ الاسميّة لا تدلّ على زمان معيّن ، والفعليّة تدلّ عليه.
وثالثا بالفرق بين الأمر وما قيس عليه ، بأنّ الأمر فيه دلالة على الاستقبال ؛ نظرا إلى دلالته على الطلب ، وهو مردّد بين مطلق الاستقبال وأقرب زمان إلى الحال وهو الأجزاء المتعاقبة من أواخر الماضي وأوائل المستقبل. والزمان الحاضر الذي يدلّ عليه المقيس عليه مردّد بين الآن الحاضر الذي لا ينقسم والأجزاء المذكورة. فإن اريد بالزمان الحاضر المعنى الأوّل ، فلا يمكن توجّه الأمر إليه ؛ لأنّ الحاصل لا يطلب. وإن اريد به المعنى الثاني ، فلا يخلو إمّا أن يراد بالاستقبال مطلقة ، فلا يتعيّن توجّهه إليه ؛ أو مقيّده فنطالب الحجّة على تعيّن إرادته ؛ لأنّ المطلق محتمل أيضا ، ولا يصار إلى أحد المحتملين إلاّ لدليل.
ومنها : أنّ التأخير لو جاز ، لم يكن له غاية مبهمة ؛ للزوم التكليف بالمحال ، ولا معيّنة ؛ لعدم إشعار به في الأمر ، ولو استفيدت من الخارج خرج عن محلّ النزاع ، فيلزم جوازه دائما ، فيخرج الواجب عن كونه واجبا.
والجواب : النقض بالنذر المطلق وقضاء الواجب ، وبما لو صرّح بجواز التأخير.
والحلّ كما قيل ـ مع تتميم وتنقيح ـ أنّ جواز التأخير إلى غاية مبهمة وهي آخر أزمنة الإمكان في الواقع على أن ينقطع في أوّل جزء منه ، ويقع الفعل فيه ، لا على أن يكون طرفا للتأخير ويقع الفعل مؤخّرا عنه ؛ للزوم جواز التأخير حينئذ عن جميع أزمنة الإمكان ، وهو يوجب السفه والمنافاة للغرض وخروج الواجب عن كونه واجبا ، والتأخير إليها يقتضي التكليف بالمحال إذا كان متعيّنا ؛ إذ يلزم حينئذ تعريف وقته الذي يؤخّر إليه ؛ لئلاّ يلزم التكليف بما لا يعلم ، وأمّا إذا لم يتعيّن ، بل جاز عن أوّل زمان التكليف والتمكّن إلى ثانيه ، وهكذا بحيث لو أتى به في أيّ جزء من مجموع الأزمنة الواقعة بينهما كان ممتثلا ، فلا يقتضي التكليف بالمحال ؛ لتمكّنه من الامتثال بالمبادرة (١).
وفيه نظر ؛ لأنّه لو قيل حينئذ بوجوب البدار ، كان التزاما ، لإفادة الصيغة الفور ، ولو لم
__________________
(١) قاله الشيخ في العدّة في أصول الفقه ١ : ٢٢٧ و ٢٢٨ ، والأنصاري في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ١ : ٣٨٨ ، والشيخ حسن في معالم الدين : ٥٦.