وعلى هذا ، فلو أتى بأفراد متعدّدة دفعة ، يحصل الامتثال بالجميع من غير تخصيص لفرد منها على الأوّل ؛ لأنّ أوّل تحقّق للماهيّة حصل به ، ولا يحصل بالجميع على الثاني ؛ إذ المطلوب عليه (١) لمّا كان فردا واحدا ، فتحقّق الامتثال به لا بالجميع.
ثمّ لا يخفى أنّه على القول بالمرّة على التقديرين (٢) يكون المطلوب في هذه الصورة (٣) مشتبها ، فلا بدّ للقائل به إمّا أن يقول بكونه معيّنا في الواقع مشتبها عندنا ، فيستخرج بالقرعة إن جوّز اجتماع الأمر والنهي باعتبارين مختلفين ، أو بالبطلان إن لم يجوّز ذلك.
ولو أتى بفرد واحد أو أفراد على التعاقب ، فلا يكاد أن يتحقّق فائدة الخلاف ؛ إذ على القولين يحصل الامتثال بأوّل فرد يوجد ، ولا معنى للامتثال بعده. والفرق بمجرّد أنّ المطلوب في أحدهما الماهيّة من حيث هي ، وفي الثاني الماهيّة المقيّدة بالوحدة ليس ممّا يختلف به الأحكام ويتفاوت به تفريع الفروع بعد تسليم أنّ امتثال طلب الماهيّة من حيث هي ، والمقيّدة بالوحدة يحصل بالمرّة فقط ، إلاّ أنّ عدم فائدة الخلاف في صورة واحدة ـ مع ثبوتها في صورة اخرى ، ووجود الفرق بينهما من حيث الذات ، وثبوت الدلالة على حقّيّة أحدهما ، وبطلان الآخر ـ لا يصير منشأ لاتّحادهما ، أو لبطلان الحقّ وصحّة الباطل.
وإذا ظهر ذلك ، فاعلم أنّ ما يتفرّع عليه كثير. وممّا فرّع عليه أنّه إذا سمع مؤذّنا بعد مؤذّن ، فهل يستحبّ إجابة الثاني لقوله عليهالسلام : « إذا سمعتم المؤذّن ، فقولوا كما يقول » (٤) ، أم يسقط الاستحباب بالأوّل؟ وعلى ما اخترناه وإن لزم سقوطه به إلاّ أنّ الأقوى بقاء الاستحباب هنا ؛ نظرا إلى تعليق الحكم على الوصف المناسب الدالّ على التعليل ، فيتكرّر بتكرّره ، كما تقدّم (٥).
ولا يخفى كيفيّة التفريع وحقيقة الحال لو سمع مؤذّنين دفعة.
وممّا فرّع عليه ما لو قال لوكيله : « بع هذا العبد » فباعه ، فردّ عليه بعيب أو خيار ، أو قال
__________________
(١) في « ب » : « المقصود فيه ».
(٢) أي ترتّب الإثم على الزائد وعدمه راجع ص ٦٢٢ و ٦٢٤.
(٣) أي في صورة وقوع الأفراد دفعة.
(٤) مسند أحمد بن حنبل ٣ : ٥١٥ ، ح ١١٤٥٠ ، وكنز العمّال ٧ : ٧٠٠ ، ح ٢٠٩٩٨.
(٥) تقدّم في ج ١ ، ص ٤٨٠.