بالوجوب ، فلا يحصل الامتثال بالفرد الأوّل ، فيكون قولا بالتكرار ، أو بالاستحباب ، فيكون قولا بدلالة صيغة واحدة على الوجوب والاستحباب ، ومذهبا جديدا لم يقل به أحد.
فالصواب على القول بأنّه لطلب الماهيّة هو التقدير الأوّل ، أي السكوت عن الزائد نفيا وإثباتا ؛ لأنّه بعد ما علم بالأدلّة أنّ المطلوب بالأمر هو الماهيّة الكلّيّة يعلم أنّ الواجب الإتيان بما يتحقّق به ويحصل به الامتثال ، ويشهد العقل والعرف بتحقّق الماهيّة وحصول الامتثال بالمرّة ، وعدم مدخليّة الامتثال للزائد (١). ولو حصل به لزم أن يحصل به إذا كانت الصيغة للمرّة ؛ إذ المراد بالمرّة الطبيعة المقيّدة بالوحدة المطلقة ، ولا ريب في كون المرّة الثانية مثلا فردا لها ، كما أنّها فرد للطبيعة من حيث هي ، وفي تساويهما في التحقّق في ضمنها ، وكفاية المرّة الاولى لتحقّقهما ، فلو حصل الامتثال بالمرّة الثانية إذا كانت للطبيعة المطلقة ، حصل بها إذا كانت للمقيّدة ، فالفرق بحصوله على الأوّل دون الثاني تحكّم ، مع أنّه لم يقل به على الثاني أحد ، فالزائد مسكوت عنه ، كسائر ما سكت الشارع عنه ، فلو فعل باعتقاد الشرعيّة ، كان تشريعا وإدخالا لما ليس من الشرع فيه.
وحينئذ فالفرق وفائدة الخلاف بينه وبين القول بالتكرار ظاهر.
وبينه وبين القول بالمرّة ـ مع ثبوت الإثم على الزائد ـ أنّ الزائد على هذا القول مسكوت عنه نفيا وإثباتا ، وليس أحد الطرفين مدلول الأمر ليترتّب على خلافه الإثم مطلقا ، بل الترتّب لو كان فإنّما يكون في صورة اعتقاد الشرعيّة ، كما في سائر ما سكت عنه نفيا وإثباتا. وعلى القول بالمرّة منفي بالأمر ؛ لكونه جزء مدلوله ، فيترتّب الإثم على فعله مطلقا ، أي باعتقاد الشرعيّة وغيره.
وبينه وبين القول بالمرّة ـ مع السكوت عن الزائد ـ أنّ المطلوب في الأوّل هو الماهيّة من حيث هي ، فكما أنّ المتعدّد على هذا القول مسكوت عنه ، فكذلك الواحد من حيث هو واحد ، فلو فرضنا إمكان إيجادها من حيث هي من غير أن تكون في ضمن الواحد والكثير واوجدت كذلك ، لحصل الامتثال والإتيان بالمأمور به ، وفي الثاني هو الطبيعة المقيّدة بالوحدة.
__________________
(١) كذا في النسختين. وحقّ العبارة أن تكون هكذا : « وعدم مدخليّة للزائد في الامتثال ».