وهو أيضا ظاهر في العموم.
وأيضا مخالفة المجتهد جائزة بالاتّفاق ، ومخالفته كفر بلا خلاف.
والقول بأنّ جواز مخالفة المجتهد إذا (١) لم يقترن بحكمه قاطع ، واجتهاده صلىاللهعليهوآله قد اقترن به قوله وهو قاطع (٢) ، ضعيف ؛ لأنّ قوله لو كان عن مجرّد الاجتهاد ولم يكن وحيا ، فمن أيّ سبب يكون قاطعا ، والوحي إليه بأن يجتهد لا يجعل قوله قاطعا ، كما لا يجعل أمره تعالى لنا بالاجتهاد قولنا قاطعا.
وأيضا كان صلىاللهعليهوآله يتوقّف في الأحكام ، وهو ينافي تعبّده بالاجتهاد.
وما قيل : إنّه (٣) لاستفراغ الوسع ، أو جواز الوحي الذي عدمه شرط في الاجتهاد ؛ لأنّه إنّما تعبّد به فيما لا نصّ فيه ، فلا بدّ من تحقّق عدم النصّ بعدم الوحي حتّى يجوز له الاجتهاد (٤) ، لا يخفى وهنه.
احتجّ المخالف بقوله تعالى : ( عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ )(٥) ، عاتبه على حكمه ، ومثل ذلك لا يكون فيما علم بالوحي.
وبقوله صلىاللهعليهوآله : « لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لما سقت الهدي » (٦) ، أي لو علمت أوّلا ما علمت آخرا لما سقت الهدي ، وسوق الهدي حكم شرعي ، ومثل ذلك لا يستقيم إلاّ فيما علم بالاجتهاد والرأي (٧).
والجواب عن الأوّل : منع كون الإذن حكما شرعيّا.
وعن الثاني : إمكان ثبوت التخيير في سوق الهدي أوّلا ، ثمّ إيحاء فضل التمتّع.
اعلم أنّ القائلين بكونه مجتهدا اختلفوا في أنّه هل يجوز عليه الخطأ في اجتهاده ، أم لا؟
ونحن لمّا ذهبنا إلى عدم جواز مطلق الخطأ عليه ، وعدم تعبّده بالاجتهاد ، فلنا مندوحة عن هذا البحث.
__________________
(١) هذا خبر أنّ.
(٢ و ٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٢٠٩.
(٣) أي توقّفه صلىاللهعليهوآله في الأحكام.
(٥) التوبة (٩) : ٤٣.
(٦) مسند أحمد ٣ : ٦١٥ ، ح ١٢٠٩٣.
(٧) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٢٠٩.