الباب الأوّل
في الاجتهاد
الاجتهاد في اللغة : تحمّل الجهد (١) ، وهو المشقّة.
وفي الاصطلاح قيل : « استفراغ الوسع في طلب الظنّ بشيء من الأحكام الشرعيّة بحيث ينتفي عنه اللوم بالتقصير » (٢).
ويقاربه ما قيل : « إنّه استفراغ الجهد في درك الأحكام الشرعيّة » (٣).
والمراد باستفراغ الوسع بذل تمام المجهود بحيث يحسّ من نفسه العجز عن المزيد عليه.
وينتقضان طردا باستفراغ العاجز عن الاستنباط ، وبالاستفراغ في الشرعيّات الأصليّة.
وقيل : « هو استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل الظنّ بحكم شرعي » (٤).
والمراد بـ « الفقيه » من مارس الفنّ ، وقد عرّف فيما تقدّم ، فيخرج استفراغ غير الفقيه وسعه.
واحترز « بتحصيل الظنّ » عن القطعيّات ؛ إذ لا اجتهاد فيها.
و « بحكم شرعي » عن الحسّيّات والعقليّات.
وأنت تعلم أنّه يخرج منه القطعيّات النظريّة مع تأتّي الاجتهاد فيها ، ويدخل فيه الشرعيّات الأصليّة مع عدم تأتّيه فيها.
__________________
(١) الصحاح ١ : ٤٦٠ ـ ٤٦١ ، والقاموس المحيط ١ : ٢٩٦ ، « ج. ه. د ».
(٢) قاله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٤ : ١٦٩.
(٣) قاله البيضاوي في منهاج الأصول المطبوع مع نهاية السؤل ٤ : ٥٢٤.
(٤) قاله ابن الحاجب في منتهى الوصول : ٢٠٩.