البراءة في الدنيا ملزومة للبراءة في الاخرى ، وإذا باع السقف لا يدخل الحائط وإن دلّ عليه بالالتزام ؛ لأنّ التوقّف القطعي أو الظنّي المعتبر غير ثابت. وفي دخول ما يتناوله المبيع بالالتزام فيه وعدمه يتخرّج فروع كثيرة لا يخفى جليّة الحال فيها بعد الإحاطة بما ذكرناه. هذا.
وبعضهم خصّ المنطوق بالصريح وعرّفه بأنّه : ما دلّ عليه اللفظ بصريحه دلالة أوّليّة (١) ، وقسّم غير المنطوق إلى الثلاثة المذكورة (٢) والمفهوم.
ويلزم على هذا أن لا يكون الأقسام الثلاثة من المنطوق ولا من المفهوم ، وهو كما ترى.
والأولى أن يقسّم المدلول أوّلا إلى المنطوق والمفهوم ، ويجعل المنطوق منحصرا في الصريح ، ويقسّم المفهوم إلى الأقسام الثلاثة ومفهوم الموافقة ومفهوم المخالفة ؛ ليكون الثلاثة من أقسام المفهوم.
ثمّ المفهوم على قسمين :
[ القسم ] الأوّل : « مفهوم الموافقة » وهو أن يكون حكم غير المذكور فيه موافقا لحكم المذكور إثباتا ونفيا ، ويسمّى فحوى الخطاب ولحن الخطاب ، وأصله التنبيه بالأدنى على الأعلى. وقد تقدّم في باب القياس (٣) أنّه لا خلاف في حجّيّته وثبوت التعدية به ، وأنّ الخلاف في وجه التعدية ، وقد أشرنا (٤) إلى أنّ الحقّ أنّه (٥) دلالة مفهومه وفحواه ، لا كونه قياسا جليّا ، أو منقولا عن موضوعه اللغوي ـ وهو الأدنى ـ إلى الأعلى كما قال به جماعة (٦).
وقد تقدّم أيضا أنّه إمّا قطعي ، إذا كان التعليل بالمعنى وكونه أشدّ مناسبة للفرع قطعيّين. أو ظنّي إذا كان أحدهما ظنّيّا (٧).
__________________
(١) قاله القمّي في قوانين الاصول ١ : ١٦٨.
(٢) أي دلالة الاقتضاء ، والإيماء والتنبيه ، والإشارة.
(٣) تقدّم في ج ١ ، ص ٤٥٦.
(٤) تقدّم في ج ١ ، ص ٤٥٧.
(٥) أي وجه التعدية.
(٦) تقدّم في ج ١ ، ص ٤٥٦.
(٧) تقدّم في ج ١ ، ص ٤٥٦.