و [ الأمر الرابع ] : علاقة العموم والخصوص ، وهي التي تتصوّر بين العامّ والخاصّ الاصوليّين ـ أي بعض الأفراد [ و ] (١) كلّ واحد منهما (٢) ـ ولم يصرّح أحد بتجويز نوعها ، ولم تستعمل في كلام فصيح.
وما ورد في كلام بعض الفضلاء من إطلاق « العلماء » على زيد ؛ لادّعاء أنّه اشتمل على كلّ عالم ؛ لاتّصافه بجميع علومهم (٣) ـ مع أنّه غير المبحث ؛ إذ لم يستعمل العامّ في الواحد ، بل جعل الواحد عامّا واطلق لفظه عليه ـ ليس حجّة.
وقد ظهر ممّا ذكر أنّه لا يمكن وجود العلاقة المصحّحة بين العامّ والواحد ، وهو من الشواهد على ما اخترناه من كونه حقيقة في الباقي ؛ إذ وقوع استعماله في الواحد في كلام القوم ممّا لا يمكن إنكاره. هذا.
واحتجّ القائل بجواز التخصيص إلى أقلّ المراتب بصحّة إطلاق كلّ لفظ على أقلّ مراتبه (٤).
والجواب : أنّ الكلام في أقلّ مرتبة يخصّص إليها العامّ ، لا في أقلّ مرتبة يطلق عليه اللفظ ولا تلازم بينهما.
واحتجّ القائل بجوازه إلى اثنين أو ثلاثة بما قيل في الجمع ، وأنّ أقلّه اثنان أو ثلاثة (٥).
وجوابه : ما عرفته ؛ فإنّ الجمع ليس بعامّ ، فلا يكون المثبت لأحدهما مثبتا للآخر ، مع أنّ ذلك لا يتأتّى في غير الجمع من العمومات.
واحتجّ الأكثر بأنّه يقبح قول القائل : « أكلت كلّ رمّانة في البستان » وفيه آلاف ، وقد أكل واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ، وقوله : « أخذت كلّ ما في الصندوق » وفيه ألف ، وقد أخذ دينارا أو دينارين ، وقس عليهما أمثالهما من الأمثلة.
__________________
(١) أضفناه للضرورة.
(٢) توضيحه أنّ هذا العالم الفاسق مثلا خاصّ بالنسبة إلى العلماء وبالنسبة إلى العالم الفاسق كليهما أي بعض الأفراد خاصّ بالنسبة إلى كلّ من العامّ والخاصّ.
(٣) أشار إليه الفخر الرازي في المحصول ٣ : ١٤ ، والفاضل التوني في الوافية : ١٢٦.
(٤) حكاه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ٢ : ٣٠١ و ٣٠٣.
(٥) تقدّم في ص ٧٢١.