وإن علم عدم اطّلاعه عليها ، فإن كان بعض الوجوه المحتملة أرجح من حيث الوقوع ، فيحمل عليه ، وإلاّ فيقتضي العموم والاسترسال على جميع الأقسام التي ينقسم إليها ؛ إذ لو كان الحكم خاصّا لاستفصل ، كما اتّفق منه عليهالسلام في مواضع (١).
والسرّ فيه أنّ إطلاق السؤال ، وإبهام الجواب ، وإرسال الحكم من غير تفصيل يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب عرفا ، فلو كان في قصده الاختصاص بالبعض ولم يبيّنه لزم الإغراء بالجهل ، وهو ينافي الحكمة. وكذا الحكم إن لم يعلم اطّلاعه وعدم اطّلاعه ؛ لأنّ الأصل عدم الاطّلاع ؛ لما تقدّم (٢) من أصالة عدم الحادث إلى أن يعلم الوجود.
وعلى الثاني فإن كان بعض الوجوه أرجح من الباقي في عصر المجيب ، وكان شائعا فيه بحيث يقع الواقعة غالبا عليه ، يحمل عليه ؛ لظهور انصراف الجواب إلى الغالب الراجح ، وإلاّ فيفيد العموم ؛ لما تقدّم (٣). اللهمّ إلاّ في مقام يقتضي الإجمال والإبهام ، فيمكن فيه اختصاص الحكم ببعض ، وإنّما أخّر البيان لمصلحة.
إذا عرفت ذلك ، فاعلم أنّ فروعه كثيرة. وممّا فرّع عليه تقديم التمييز على العادة ، كما ذهب إليه بعض (٤) الأصحاب ؛ لقوله صلىاللهعليهوآله لفاطمة بنت خنيس ـ وقد ذكرت أنّها تستحاض ـ :
« إنّ دم الحيض أسود يعرف ، فإذا كان ذلك ، فأمسكي عن الصلاة ، وإذا كان الآخر ، فاغتسلي وصلّي » (٥) ولم يستفصل هل لها قبل ذلك عادة ، أم لا. وقس عليه أمثاله.
تذنيب
ترك الاستفصال لمّا كان إرسال الحكم من غير استفصال عن الكيفيّة بعد السؤال عن قضيّة يحتمل وقوعها عن وجوه متعدّدة ، ففيه لفظ وحكم من المسئول عليهالسلام ، فيفيد العموم كما ذكر.
__________________
(١) راجع تمهيد القواعد : ١٧٠ وما بعدها ، القاعدة ٥٧.
(٢) في ص ٧٣٢.
(٣) في ص ٧٣٢.
(٤) ذكره الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ١٧٢ ـ ١٧٣ ، القاعدة ٥٧.
(٥) الكافي ٣ : ٨٣ ، باب جامع في الحائض ، ح ١ ، وتهذيب الأحكام ١ : ٣٨١ ، ح ١١٨٣ ، ووسائل الشيعة ٢ : ٢٧٦ ، أبواب الحيض ، الباب ٣ ، ح ٤.