وكيفيّة التفريع : أنّه يجوز الاستدلال بالآية على وجوب الزكاة فيما اختلف في وجوبها فيه ، كالحليّ ونحوه.
فصل [١٣]
« المقتضي » ـ وهو الكلام الذي لا يستقيم عقلا ، أو شرعا ، أو عرفا إلاّ بتقدير ـ إن احتمل تقديرات متعدّدة يستقيم الكلام بكلّ واحد منها ، فإن ثبت دلالة أو أمارة على تعيين مقتضاه ، فهو المقدّر لا غير ، كقوله تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ )(١) و « حرّم عليكم لحم الخنزير » ممّا يضاف فيه التحريم إلى الأعيان ؛ فإنّه يتبادر الذهن في مثله إلى مقدّر معيّن ، كالأكل في المأكول ، والشرب في المشروب ، واللبس في الملبوس ، والوطء في الموطوء.
ومنه ما ينفى فيه الفعل ، كقوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » (٢) ، و « لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب » (٣) ، و « لا نكاح إلاّ بوليّ » (٤) إذا ثبت كون الصلاة والنكاح وأمثالهما حقائق شرعيّة في الصحيحة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الصحّة اللازم منه نفي المسمّى شرعا ؛ لأنّ الصحّة إمّا جزؤه أو شرطه. وكيف كان ، يلزم من نفيها نفيه. أو حقائق عرفيّة في المفيدة ؛ فإنّ المتبادر منه حينئذ نفي الفائدة والجدوى ، نحو : « لا علم إلاّ ما نفع » و « لا كلام إلاّ ما يفيد ».
ومن الأمارات الدالّة على تعيين المقدّر أن يدلّ المقتضي على نفي ذات شيء ولم يمكن حمله على الحقيقة ؛ لعدم ارتفاعه رأسا ، فتعيّن حمله على المجاز ، وكان مقدّر معيّن أقرب المجازات إلى الحقيقة ، فإنّه يتعيّن حينئذ تقديره ؛ للاتّفاق على أنّه إذا تعذّرت الحقيقة وتعدّد المجاز حمل على الأقرب إليها ، كأن يقال : تقدير الصحّة في الأخبار المذكورة متعيّن ؛ لأنّها تدلّ على نفي أصل الصلاة والنكاح ، وليس كذلك لو اطلقا على الفاسدة أيضا ،
__________________
(١) النساء (٤) : ٢٣.
(٢) تهذيب الأحكام ١ : ٤٩ ، ح ١٤٤ ، والاستبصار ١ : ٥٥ ، ح ١٦٠ ، ووسائل الشيعة ١ : ٣٦٥ ، أبواب الوضوء ، الباب ١ ، ح ١.
(٣) عوالي اللآلئ ٢ : ٢١٨ ، ح ١٣.
(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٦٠٥ ، ح ١٨٨٠ ، ودعائم الإسلام ٢ : ٢١٨ ، ح ٨٠٧.