وأقدامهم (١) فإذا أصبحوا فذكروا الله مادوا كما تميد الشجر في يوم ريح عاصف وهملت عيونهم (٢) حتى تبل ثيابهم والله لكأن القوم باتوا غافلين ، ثم نهض فما رئي مفترا حتى (٣) ضربه اللعين ابن ملجم.
٤١ ـ وروى مجاهد ، عن ابن عباس قال : قال أمير المؤمنين عليهالسلام يومأ قد وصف المؤمن فقال : حزنة في قلبه وبشره في وجهه ، وأوسع الناس صدرا ، وأرفعهم قدرا ، يكره الرفعة ، ولا يحب السمعة ، طويل غمه ، بعيد همه ، كثير صمته مشغول بما ينفعه ، صبور شكور ، قلبه بذكر الله معمور ، سهل الخليقة لين العريكة.
٤٢ ـ وفي رواية ، عن أبي أراكة ، وعن ابن عباس أيضا قالا : سمعنا أمير المؤمنين ـ كرم الله وجهه ـ يقول : أما بعد فإن الله سبحانه خلق الخلائق حين خلقهم وهو غني عن طاعتهم ، ولا يتضرر بمعصيتهم لانه سبحانه لا تضره معصية من عصاه ، ولا ينفعه طاعة من أطاعه واتقاه ، فالمتقون في هذه الدار هم أهل الفضائل ، منطقهم الصواب ، وملبسهم الاقتصاد ، وعيشهم التواضع ، غضوا أبصارهم عن المحارم ، ووقفوا أسماعهم على العلم النافع ، ولولا الرجاء لم تستقر أرواحهم في أجسادهم طرفة عين شوقا إلى جزيل الثواب ، وخوفا من وبيل العقاب (٤) عظم الخالق في أنفسهم فصغر مادونه في أعينهم ، فهم في الجنة كمن قدرآها منعمون وفي النار كمن قدر آها معذبون ، قلوبهم محزونة ، وشرورهم مأمونة ، أجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة صبروا اياما يسيرة فأعقبهم راحة طويلة.
أما الليل فصافون أقدامهم تالين كلام ربهم يحبرونه تحبيرا (٥) ويرتلونه
____________________
(١) المراوحة بين العملين أن يعمل هذا مرة ، وهذا مرة ، والمراوحة بين الرجلين أن يقوم على كل مرة.
(٢) ماديميد : ـ تحرك. والريح العاصف : الشديدة. وهملت عينه : فاضت دموعا.
(٣) فتر يفتر تفتيرا ـ سكن بعد حدة ولان بعد شدة.
(٤) الوبيل : الشديد.
(٥) حبر الكلام أو الخط أو الشعر : حسنه وزينه.