المغنم مغرما ، والمغرم مغنما ، يخشى الموت ولا يبادر الفوت ، يستعظم من معاصي غيره ما يستقله من معاصي نفسه ، ويستكثر من طاعته ما يحتقره من طاعة غيره ، فهو على الناس طاعن ، ولنفسه مداهن ، اللغو مع الاغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء يرشد غيره ويغوي نفسه «أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون».
١٧ ـ وقال عليهالسلام : من أصبح على الدنيا حزينا أصبح لقضاء الله ساخطا ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به إلى مخلوق مثله فإنما يشكو ربه ، ومن أتى غنيا يتواضع له لاجل دنياه ذهب ثلثا دينه. قالوا : ومعنى هذا أن المرء إنسان بجسده وقلبه ولسانه والتواضع يحتاج فيه إلى استعمال الجسد واللسان فإن أضاف إلى ذلك القلب ذهب جميع دينه.
١٨ ـ وقال عليهالسلام : إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار ، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وإن قوما عبدوه شكرا فتلك عبادة الاحرار.
١٩ ـ وقال عليهالسلام : احذروا نفار النعم فماكل شارد بمردود (١).
٢٠ ـ وقال عليهالسلام : أفضل الاعمال ما اكرهت عليه نفسك.
٢١ ـ وقال عليهالسلام : لولم يتواعد الله عباده على معصيته لكان الواجب ألا يعصى شكرا لنعمه ، ومن ههنا أخذ القائل ـ وقيل إنها لاميرالمؤمنين عليهالسلام :
هب البعث لم تأتنا رسله |
|
وجاحمة النار لم تضرم |
أليس من الواجب المستحق |
|
حياء العباد من المنعم (٢) |
٢٢ ـ وقال عليهالسلام : ما أكثر العبر : وما أقل المعتبرين.
٢٣ ـ وقال عليهالسلام : أقل ما يلزمك لله تعالى ألا تستعينوا بنعمه على معاصيه.
٢٤ ـ وقال عليهالسلام : المدة وإن طالت قصيرة ، والماضي للمقيم عبرة ، والميت للحي عظة ، وليس الامس عودة ، ولا أنت من غد على ثقة ، وكل لكل مفارق
____________________
(١) نفار النعم : النعم الزائلة. ونفورها بعدم أداء الحق منها. والشادر : النافر.
(٢) جحم النار : أوقدها ، وجحمة النار توقدها ، وضرمت النار : اشتعلت.