عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري ، وعن طريق محبتي ومناجاتي ، اولئك قطاع الطريق من عبادي ، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة محبتي (١) ومناجاتي من قلوبهم.
يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض ، ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله (٢) ومن ادعى ما ليس له فهو أعنى لغير رشده (٣).
يا هشام أوحى الله تعالى إلى داود عليهالسلام «يا داود حذر ، فأنذر (٤) أصحابك عن حب الشهوات ، فإن المعلقة قلوبهم شهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني».
ياهشام إياك والكبر على أوليائي والاستطالة بعلمك فيمقتك الله ، فلا تنفعك بعد مقته دنياك ولا آخرتك. وكن في الدنيا كساكن دار ليست له ، إنما ينتظر الرحيل.
ياهشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والاخرة ، ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله ، فإذا أشار (٥) عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب (٦).
يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا ومأمونا فآنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية (٧) وينبغي للعاقل إذا
____________________
(١) في بعض النسخ «عبادتى».
(٢) استطال عليهم : أى تفضل عليهم.
(٣) أعنى اعناء ـ يائى ـ الرجل : أذاه وكلفه ما يشق عليه. وفى بعض النسخ «أعنى لغيره» أى يدخل غيره في العناء والتعب.
(٤) في بعض النسخ «وانذر» وفى بعضها «ونذر».
(٥) في بعض النسخ «فاذا استشار».
(٦) العطب : الهلاك.
(٧) الضارى : الحيوان السبع ، من ضرى الكلب بالصيد يضرى : تعوده وأولع به وأيضا : تطعم بلحمه ودمه.