انبساط خطوة ، في ليل داج ، ولا غسق ساج ، يتفيؤ عليه القمر المنير (١) وتعقبه الشمس ذات النور (٢) في الافول والكرور (٣) وتقلب الازمنة والدهور ، من إقبال ليل مقبل وإدبار نهار مدبر (٤) قبل كل غاية ومدة ، وكل إحصاء وعدة ، تعالى عما ينحله المحددون من صفات الاقدار (٥) ، ونهايات الاقطار ، وتأثل المساكن (٦) وتمكن الاماكن ، فالحد لخلقه مضروب ، وإلى غيره منسوب ، لم يخلق الاشياء من اصول أزلية ، ولامن أوائل أبدية (٧) بل خلق ما خلق فأقام حده (٨) ، وصور ما صور فأحسن صورته ، ليس لشئ منه امتناع ، ولا له بطاعة شئ انتفاع ، علمه بالاموات الماضين كعلمه بالاحياء الباقين ، وعلمه بما في السماوات العلى كعلمه بما في الارضين السفلى.
١٢ ـ ومن خطبة له عليهالسلام (٩)
لا يشغله شأن ، ولا يغيره زمان ، ولا يحويه مكان ، ولا يصفه لسان ، ولا يعزب عنه عدد قطر الماء (١٠) ولا نجوم السماء ، ولا سوا في الريح في الهواء ، ولا دبيب النمل
____________________
(١) أصل التفيؤ للظل نسخ نور الشمس ، ولما كان الظلام بالليل عاما كالضياء بالنهار عبر عن نسخ نور القمر له بالتفيوء ، تشبيها له بنسخ الظل لضياء الشمس.
(٢) الضمير في تعقبه راجع إلى القمر ويحتمل ان يعود إلى الغسق فان الشمس تسوقه من موضع إلى موضع.
(٣) الافول : المغيب. والكرور : الرجوع بالشروق.
(٤) الغرض بيان علمه تعالى بالجزئيات وأنه لا يغيب عنه شئ.
(٥) أى عما ينسبه المحددون لذاته والمعرفون لها. « من صفات الاقدار » جمع قدر ـ بسكون الدال ـ وهو حال الشئ من الطول والعرض والعمق والصغر والكبر. قوله : « نهايات الاقطار » أى نهاية الابعاد الثلاثة.
(٦) التأثل : التأصل.
(٧) في قوله عليهالسلام هذا اشارة إلى ابطال القول بان الاعيان الثابتات مندرجة في غيب الذات اندراج الشجرة في النواة واللوازم في الملزومات.
(٨) واقامة حد الاشياء : اتقان الحدود على وفق الحكمة من المقادير والاشكال.
والنهايات والاجال.
(٩) النهج تحت رقم ١٧٦. (١٠) لا يعزب أى لا يخفى.