ويحتمل أيضاً أن
يكون هناك معاد وآخرة ويحاسب على أفعاله وأعماله فيها ، فمجرّد هذا الاحتمال يستلزم ضرورة البحث والتحقيق عن المعرفة ، والسّعي إلى معرفة ما يجب عليه من الاعتقادات والمعتقدات القلبية ، ومعرفة ما يجب عليه من الأفعال المطلوبة منه عند الخالق الحكيم ، إذ لمّا كان للإنسان والعالم بأسره خالق حكيم عليم ولم يكن الموت انقراضاً وانعداماً ، بل كان بداية لحياة أبديّة وخلود أبدي ، وكان مخلوقاً لغاية سامية ، وقد أعدّ له الخالق الحكيم برنامجاً خاصّاً وسلوكاً معيّناً وتكاليف محدودة ، وكان التخلّف عنها موجباً للشّقاء والخسران الأبدي ، فإنّ الفطرة الإنسانيّة توجب عليه أن يعتني بهذا الاحتمال ويسعى الى معرفة ما يحتمل أن يدفع عنه للشّقاء الدّائم ويضمن له السّعادة الأبديّة مهما كان الاحتمال ضعيفاً ، و ذلك نظراً إلي عظمة المُحتمَل وأهمّيّته ، والمحتمَل هو الشّقاء الأبدي أو النعيم الأبدي ، فشدّة ما قد يلاقيه من العذاب الأخروي ، أو حلاوة ما قد يجده من النعيم الأبدي يكفي لأن يدفع الإنسان إلى تحصيل المعرفة ثم العمل بما توصّل إليه علمه لدفع العذاب المحتمَل أو لجلب المنفعة المحتمَلة أو لكليهما ، إذ العمل متوقّف على المعرفة ، والمعرفة شرط في صحّة العمل ، كما