إنّ الانسان الساذج الذي لا يفهم الدين بصورة صحيحة يتخيّل أنّه لو بقي علىٰ صيامه في السفر فإنَّ عمله سيكون أكثر قبولاً عند الله تبارك وتعالىٰ ، لأنه تحمل فيه مشقّة أكبر !
٤ ـ والأعجب من ذلك ما رواه مالك في الموطأ : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم رأىٰ رجلاً قائماً في الشمس فقال : « ما بال هذا ؟ » قالوا : نذر أن لا يتكلم ولا يستظلّ من الشمس ، ولا يجلس ، ويصوم . فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « مروه فليتكلم وليستظلّ وليجلس وليتم صيامه » (١) .
٥ ـ وروىٰ البخاري عن قيس بن أبي حازم : دخل أبو بكر علىٰ امرأة ... فرآها لا تكلَّمُ فقال : ما لها لا تَكلَّمُ ؟ قالوا : حجَّت مُصمتة ، قال لها : تكلمي فإنّ هذا لا يحلّ ، هذا من عمل الجاهلية فتكلّمت .. (٢) .
٦ ـ وروي عن الزبير بن بكّار أنّه قال : « سمعتُ مالك بن أنس وقد أتاهُ رجل فقال : يا أبا عبدالله من أين أحرم ؟ قال : من ذي الحليفة ، من حيثُ أحرم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ... ، قال : فإنّي أُريد أن اُحرم من المسجد من عند القبر ، قال : لا تفعل فإنّي أخشىٰ عليك الفتنة . فقال : وأي فتنةٍ هذه ؟ إنّما هي أميال أزيدها ! قال : وأي فتنة أعظم من أن ترىٰ أنّك سبقتَ إلىٰ فضيلة قصّر عنها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؟ إنّي سمعتُ الله يقول : ( .. فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (٣) .
٧ ـ « روي أن سلمان الفارسي رضياللهعنه جاء زائراً لأبي الدرداء فوجد أُمَّ
__________________
(١) موطأ مالك : ٣٠٩ / ٩ كتاب الايمان والنذور ، طبعة دار الكتاب العربي ـ بيروت .
(٢) صحيح البخاري ٥ : ٥٢ باب أيام الجاهلية ، ط مؤسسة التاريخ العربي .
(٣) الاعتصام ، لابي اسحاق الشاطبي ١ : ١٣٢ . والآية من سورة النور ٢٤ : ٦٣ .