المساجد لانتظار الصلاة » (١) .
ونحن نسأل عن هذا الدافع الذي يدفع ابن مظعون ليطلب من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخصي نفسه أو أن يترهب ! إنّه ليس له من دافع سوىٰ أنّه يرىٰ أنّ ممارسة الحياة الاجتماعية علىٰ طبيعتها إنّما يكون سبباً لانصراف الانسان عن التوجه نحو العبودية لله سبحانه وتعالىٰ ! لكن أليس ذلك تطرّفاً في فهم العبودية لله ؟ كل ذلك يجري والرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حيٌّ بينهم وهم يشهدون سيرته وهو أعظم الناس عبودية لربّه وأعظمهم معرفة به وقرباً إليه .
٢ ـ ونظير ذلك ما رواه الكليني عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « .. إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج من المدينة إلىٰ مكة في شهر رمضان ومعه الناس وفيهم المشاة ، فلما انتهىٰ إلىٰ كراع الغميم دعا بقدح من ماء فيما بين الظهر والعصر ، فشرب وأفطر ، ثم أفطر الناس معه ، وثَمَّ أُناس علىٰ صومهم ، فسمّاهم العصاة ، وإنّما يؤخذ بآخر أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٢) .
فهل في موقف هؤلاء العجيب ما يمكن تفسيره سوىٰ ظنّهم أنَّهم ببقائهم علىٰ صيامهم يتقربون أكثر إلىٰ الله ؟! وهم إنّما يخالفون حكماً حكم به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم !
٣ ـ روىٰ جابر بن عبدالله : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان في سفر فرأىٰ رجلاً عليه زحام قد ظُلِّل عليه ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ما هذا ؟ » قالوا : صائم ، قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « ليس من البرِّ الصيام في السفر » (٣) .
__________________
(١) الاعتصام ، للشاطبي ١ : ٣٢٥ .
(٢) الكافي ، للكليني ٤ : ١٢٧ / ٥ باب كراهية الصوم في السفر .
(٣) مسند أحمد ٣ : ٣١٩ و ٣٩٩ .