الأول : إنّ القرن في اللغة هو النسل (١) ، وقد استُعمل هذا المعنىٰ في القرآن الكريم ، قال سبحانه وتعالىٰ : ( فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ ) (٢) .
والمتعارف أنّ معدل عمر كل نسلٍ أو جيل هو الستون أو السبعون من السنين ، فيكون المراد من تلك الروايات ، مجموع تلك السنين وهو يتراوح بين ١٨٠ و ٢١٠ سنة فأين ذلك من تفسير الحديث المار بثلاثمائة سنة .
الثاني : إنّ شرّاح الحديث اختلفوا في تفسير الرواية ، ومع ذلك فإنّ كلّ التفاسير لا يستفاد منها ما تبنّاه الكاتب من أن القرون الثلاثة هي ثلاثمائة سنة ، فهناك من يقول إنّ المراد في قوله : « قرني » هو أصحابه ومن « الذين يلونهم » أبناءهم ومن « الثالث » أبناء أبنائهم .. وغيره يقول بأنّ قرنه ما بقيت عين رأته ، ومن الثاني ما بقيت عين رأت من رآه ، ثم كذلك .
ويقول ثالث : إنّ قرنه هم الصحابة ، والثاني التابعون ، والثالث تابعوهم (٣) .
وعلىٰ كلِّ التفاسير المارة فإنّ المدّة المفترضة هي أقل من ثلاثمائة سنة ، فإذا أخذنا بالقول الأخير وهو أعم الأقوال وأكثرها سعة من ناحية الامتداد الزمني ، فإنَّ آخر من مات من الصحابة هو أبو الطفيل وقد اختلفوا في تاريخ وفاته ، فقد قيل أنّه توفي في سنة ١٢٠ هـ أو قبلها أو
__________________
(١) العين ، للخليل . اللسان ، لابن منظور ، مادة ( قران ) .
(٢) الانعام ٦ : ٦ .
(٣) شرح صحيح مسلم ، للنووي ١٦ : ٨٥ .