من؟ قال امك : قال ثم من؟ قال أبوك.
وقال الشهيد طيب الله رمسه بعد إيراد مضمون الروايتين فقال بعض العلماء : هذا يدل على أن للام إما ثلثي الاب على الرواية الاولى أو ثلاثة أرباعه على الثانية وللاب إما الثلث أو الربع فاعترض بعض المستطيعين بأن هنا سؤالات.
الاول أن السؤال ب «أحق» عن أعلى رتب البر فعرف الرتبة العالية ثم سأل عن الرتبة التي تليها بصيغة «ثم» التي هي للتراخي الدالة على نقص رتبة الفريق الثاني عن الفريق الاول في البر ، فلا بد أن تكون رتبة الثانية أخفض من الاولى وكذا الثالثة أخفض من الثانية فلا تكون رتبة الاب مشتملة على ثلث البر وإلا لكانت الرتب مستوية ، وقد ثبت أنها مختلفة ، فتصيب الاب أقل من الثلث قطعا أو أقل من الربع قطعا فلا يكون ذلك الحكم صوابا.
الثاني : أن حرف العطف تقتضي المغايرة ، لامتناع عطف الشئ على نفسه ، وقد عطف الام على الام.
الثالث : أن السائل إنما سأل ثانيا عن غير الام فكيف يجاب بالام؟ والجواب يشترط فيه المطابقه.
وأجاب ـ رحمهالله ـ عن هذين بأن العطف هنا محمول على المعنى كأنه لما اجيب أولا بالام قال : فلمن أتوجه ببري بعد فراغي منها؟ فقيل له للام وهي مرتبة ثانية ، دون الاولى كما ذكرنا أولا ، فالام المذكورة ثانيا هي المذكورة أولا بحسب الذات ، وإن كانت غيرها بحسب الغرض ، وهو كونها في الرتبة الثانية من البر ، فاذا تغايرت الاعتبارات جاز العطف مثل زيد أخوك وصاحبك ومعلمك ; وأعرض عن الاول كأنه يرى أن لا يجاب عنه ، ثم يحتج به.
قلت : قوله «السؤال بأحق» ليس عن أكثر الناس اتحقاقا بحسن الصحابة بل عن أعلى رتب الصحابة ، فالعلو منسوب إلى المبرور على تفسيره حسن الصحابة بالبر لا إلى نفس البر ، مع أن قوله بنقص الفريق الثاني عن الفريق الاول مناف لكلامه الاول إن أراد بالفريق المبرورين ، وإن أراد بالفريق المبر ، ورد عليه