٥٧ ـ كا : عن العدة ، عن سهل ، عن الوشاء ، عن منصور بن يونس ، عن عباد بن كثير قال : قلت لابي عبدالله عليهالسلام : إني مررت بقاص يقص وهو يقول : ها المجلس الذي لا يشقى به جليس ، قال : فقال أبوعبدالله عليهالسلام : هيهات هيهات أخطأت أستاههم الحفرة إن لله ملائكة سياحين سوى الكرام الكاتبين ، فاذا مروا بقوم يذكرون محمدا وآل محمد عليهمالسلام فقالوا : قفوا فقد أصبتم حاجتكم ، فيجلسون فيتفقهون معهم ، فاذا قاموا عادوا مرضاهم ، وشهدوا جنائزهم ، وتعاهدوا غائبهم فذلك المجلس الذي لا يشقى به جليس (١).
بيان : «القاص» راوي القصص ، والمراد هنا القصص الكاذبة الموضوعة ، و ظاهر أكثر الاصحاب تحريم استماعها ، كما يدل عليه قوله تعالى : «سماعون للكذب» (٢) ويمكن أن يكون المراد هنا وعاظ العامة ومحدثوهم ، فان روايتهم أيضا كذلك «لا يشقى به جليس» أي لا يصير شقيا محروما عن الخير من جلس معهم قال الراغب : الشقاوة خلاف السعادة ، وقد شقي يشقى شقوة وكما أن السعادة في الاصل ضربان : اخروية ، ودنيوية ، ثم الدنيوية ثلاثة أضرب : نفسية ، وبدنية ، وخارجة كذلك الشقاوة على هذه الاضرب وقال بعضهم. قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت في كذا وكل شقاوة تعب ، وليس كل تعب شقاوة.
«أخطأت أستاهم الحفرة» الخطأ ضد الصواب ، والاخطاء عند أبي عبيد الذهاب إلى خلاف الصواب ، مع قصد الصواب ، وعند غيره الذهاب إلى غير الصواب مطلقا عمدا أو غير عمد ، والاستاه بفتح الهمزة والهاء أخيرا جمع الاست بالكسر ، وهي حلقة الدبر وأصل الاست «سته» بالتحريك ، وقد يسكن التاء ، حذفت الهاء وعوضت عنها الهمزة ، والمراد بالحفرة الكنيف الذي يتغوط فيه ، وكأن هذا كان مثلا سائرا يضرب لمن استعمل كلاما في غير موضعه أو أخطأ خطأ فاحشا.
وقد يقال شبهت أفواهم بالاستاه تفضيحا لهم ، وتكرير هيهات أي بعد هذا
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٨٦.
(٢) المائدة : ٤١.