وتعاطف بعضهم على بعض ، حتى تكونوا كما أمركم الله عزوجل رحماء بينكم متراحمين مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم ، على ما مضى عليه معشر الانصار على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله (١).
بيان : «والتعاون على التعاطف» أي معاونة بعضهم بعضا على التعاطف ، وعطف بعضهم على بعض ، وفي بعض النسخ «التعاقد» مكان التعاون أي التعاهد على ذلك «كما أمركم الله» أي في قوله سبحانه «محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكافر رحماء بينهم» إشارة إلى أن الاية أمر في المعنى بتلك الخصال ، لكونها في مقام المدح المستلزم للامر بها ، وإلى أن الامر المستفاد منها غير مختص بالصحابة.
وقيل إشارة إلى قوله تعالى : «وتواصوا بالمرحمة» والاول أظهر ، وقوله : «رحماء» خبر «تكونوا» و «متراحمين» تفسير له أو خبرثان كقوله «مغتمين لما غاب عنكم من أمرهم» أي لما عجزتم عن تداركه من أمر المسلمين أو لما بعد عنكم ، ولم تصل إليه إعانتكم ، أو إذا لم تطلعوا على أحوالهم تكونوا مغتمين لعدم الاطلاع وقوله «على ما مضى» متعلق بجميع ما تقدم لا بقوله مغتمين فقط كما قيل ، وهذا يومئ إلى أن الاية في شأن الانصار ومدحهم ولم يذكره المفسرون ، ويحتمل أن تكون هذه الصفات في الانصار أكثر ، وإن كان في قليل من المهاجرين كأمير المؤمنين وسلمان وأضرابه أتم.
قال الطبرسي ـ ره ـ : قال الحسن : بلغ من شدتهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثياب المشركين حتى لا تلتزق بثيابهم وعن أبدانهم حتى لا تمس أبدانهم ، وبلغ تراحمهم فيما بينهم أن كان لا يرى مؤمن مؤمنا إلا صافحه وعانقه انتهى (٢) وتكرار التعاطف للتأكيد أو الاول للتعاون أو التعاقد عليه وهذا لاصله.
٥٤ ـ كا : عن علي ، عن أبيه ، عن النوفلي ، عن السكوني ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله حق على المسلم إذا أراد سفرا أن يعلم إخوانه وحق
____________________
(١) الكافى ج ٢ ص ١٧٤.
(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ١٢٧.