ذكر الفتى عمره الثاني ولذته |
|
مافاته وفضول العيش اشتغال |
وقال : ما توا فعاشوا لحسن الذكر بعدهم ، وقيل : بل المراد زيادة البركة في الاجل فأما في نفس الاجل فلا ، وهذا الاشكال ليس بشئ أما أولا فلو روده في كل ترغيب مذكور في القرآن والسنة ، حتى الوعد بالجنة والنعيم على الايمان وبجواز الصراط والحور والولدان ، وكذلك التوعدات بالنيران وكيفية العذاب لانا نقول أن الله تعالى علم ارتباط الاسباب بالمسببات في الازل وكتبه في اللوح المحفوظ إفمن علمه مؤمنا فهو مؤمن أقر بالايمان أولا ، بعث إليه نبي أولا ، ومن علمه كافرا فهو كافر على التقديرات وهذا لازم يبطل الحكمة في بعثة الانبياء والاوامر الشرعية ، و المناهي ومتعلقاتها وفي ذلك هدم الاديان.
والجواب عن الجميع واحد : وهو أن الله تعالى كما علم كمية العمر ، علم ارباطه بسببه المخصوص ، وكما علم من زيد دخول الجنة ، جعله مرتبطا بأسبابه المخصوصة من إيجاده ، وخلق العقل له ، ونصب الالطاف وحسن الاختيار والعمل بموجب الشرع ، فالواجب على كل مكلف الاتيان بما أمر به فيه ولا يتكل على العلم ، فانه مهما صدر منه فهو المعلوم بعينه ، فاذا قال الصادق إن زيدا إذا وصل رحمه زاد الله في عمره ثلاثين ففعل ، كان ذلك إخبارا بأن الله تعالى عل أن زيدا يفعل ما يصير به عمره زائدا ثلاثين سنة ، كما أنه إذا أخبر أن زيدا إذا قال لا إله إلا الله دخل الجنة ففعل تبينا أن الله تعالى علم أنه يقول ويدخل الجنة بقوله.
وبالجملة جميع ما يحدث في العالم معلوم لله تعالى على ما هو عليه واقع من شرط أو سبب ، وليس نصب صلة الرحم زيادة في العمر إلا كنصب الايمان سببا في دخول الجنة ، والعمل بالصالحات في رفع الدرجة ، والدعوات في تحقق المدعو به وقد جاء في الحديث لا تملوا من الدعاء فانكم لا تدرون متى يستجاب لكم ، وفي هذا سر لطيف وهو أن المكلف ، عليه الاجتهاد ففي كل ذرة من الاجتهاد إمكان سببية الخير علمه الله كما قال «والذين جاهدوا فينا فنهدينهم سبلنا» (١) والعجب
____________________
(١) العنكبوت : ٦٩.