الجاهلية ، وقوله تعالى لنوح عن ابنه «إنه ليس من أهلك» (١).
وقال ابن الجنيد من جعل وصيته لقرابته وذوي رحمه غير مسمين كانت لمن تقرب إليه من جهة ولده أو والديه ، ولا أختار أن يتجاوز بالتفرقة ولد الاب الرابع لان رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يتجاوز ذلك في تفرقة سهم ذوي القربى من الخمس ثم على أي معنى حمل يدخل فيه الذكر والانثى ، والقريب والبعيد ، والوارث وغيره ، ولا فرق بين ذوي القرابة وذوي الرحم انتهى.
فاذا عرفت هذا فاعلم أنه لا ريب في حسن صلة الارحام ، ولزومها في الجملة ولها درجات متفاوتة بعضها فوق بعض ، وأدناها الكلام والسلام ، وترك المهاجرة ويختلف ذلك أيضا باختلاف القدرة عليها ، والحاجة إليها ، فمن الصلة ما يجب ومنها ما يستحب ، والفرق بينهما مشكل والاحتياط ظاهر ، ومن وصل بعض الصلة ولم يبلغ أقصاها ومن قصر عن بعض مما ينبغي أو عما يقدر عليه ، هل هو واصل أو قاطع؟ فيه نظر ، وبالجملة التمييز بين المراتب الواجبة والمستحبة في غاية الاشكال والله أعلم بحقيقة الحال ، والاحتياط طريق النجاة.
قال الشيخ الشهيد ـ ره ـ في قواعده : كل رحم يوصل ، للكتاب والسنة والاجماع على الترغيب في صلة الارحام ، والكلام فيها في مواضع.
الاول ما الرحم؟ الظاهر أنه المعروف بنسبه وإن بعد ، وإن كان بعضه آكد من بعض ، ذكرا كان أو انثى ، وقصره بعض العامة على المحارم الذين يحرم التناكح بينهم إن كانوا ذكورا واناثا ، وإن كانوا من قبيل يقدر أحدهما ذكرا والاخر انثى ، فان حرم التناكح فهم الرحم ، واحتج بأن تحريم الاختين إنما كان لما يتضمن من قطيعة الرحم ، وكذا تحريم أصالة الجمع بين العمة والخالة وابنة الاخ والاخت ، مع عدم الرضا عندنا ، ومطلقا عندهم ، وهذا بالاعراض عنه حقيق ، فان الوضع اللغوي يقتضي ما قلناه ، والعرف أيضا والاخبار دلت عليه وقوله تعالى «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض وتقطعوا أرحامكم» عن
____________________
(١) هود : ٤٦.