صومعة راهب من الرهبان ، فاطلع الى ميسرة فقال : من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟.
فقال له ميسرة : هذا رجل من قريش من أهل الحرم.
فقال له الراهب : ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبيّ.
ثم باع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سلعته التي خرج فيها ، واشترى ما أراد ان يشتري ، ثم أقبل قافلا الى مكة ومعه ميسرة.
وكان ميسرة ـ فيما يزعمون ـ قال : اذا كانت الهاجرة (١) واشتد الحرّ ، نزل إليه ملكان يظلاّنه من الشمس ، وهو يسير على بعيره. فلما قدم مكة على خديجة بمالها ، باعت ما جاء به فأضعف أو قريبا ، وحدثها ميسرة عن قول الراهب وعمّا كان يرى من إظلال الملكين إيّاه ، بعثت الى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقالت له ـ فيما يزعمون ـ : يا بن عمّ ، اني قد رغبت فيك لقرابتك مني ، وشرفك في قومك ، وسطتك (٢) فيهم ، وأمانتك عندهم ، وحسن خلقك ، وصدق حديثك ، ثم عرضت عليه نفسها ـ وكانت خديجة امرأة حازمة لبيبة شريفة ، وهي يومئذ أوسط قريش نسبا ، وأعظمهم شرفا ، واكثرهم مالا ، كلّ قومها قد كان حريصا على ذلك منها ـ لو يقدر على ذلك ـ.
فلمّا قالت لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ما قالت ، ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك لأعمامه ، فخرج معه منهم حمزة بن عبد المطلب حتى دخل على خويلد بن أسد ، فخطبها إليه ، فتزوجها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم (٣).
__________________
(١) الهاجرة : مؤنث الهاجر ، وهو نصف النهار في القيظ خاصة ، أو : من الزوال الى العصر.
(٢) سطا عليه : صال عليه ، أو : قهره بالبطش.
(٣) اورده الاربلي في كشف الغمة ج ١ ص ٥٠٨ عن معالم العترة النبوية باسناده عن ابن اسحاق ، وعنه