فذلك هو العجب انتهى.
والخبر يدل على أن العجب أشد من الذنب ، أي من ذنوب الجوارح ، فان العجب ذنب القلب ، وذلك أن الذنب يزول بالتوبة ، ويكفر بالطاعات ، والعجب صفة نفسانية يشكل إزالتها ، ويفسد الطاعات ويهبطها عن درجة القبول ، وللعجب آفات كثيرة ، فانه يدعو إلى الكبر كما عرفت ، ومفاسد الكبر ما عرفت بعضها وأيضا العجب يدعو إلى نيسان الذنوب ، وإهمالها ، فبعض ذنوبه لا يذكرها ، ولا يتفقدها لظنه أنه مستغن عن تفقدها فينساها ، وما يتذكر منها فيستصغرها ، فلا يجتهد في تداركها ، وأما العبادات والاعمال فانه يستعظمها ويتبجح بها ، ويمن على الله بفعلها ، وينسى نعمة الله عليه ، بالتوفيق والتمكين منها.
ثم إذا أعجب بها عمي عن آفاتها ، ومن لم يتفقد آفات الاعمال كان أكثر سعيه ضائعا فان الاعمال الظاهرة إذا لم تكن خالصة نقية عن الشوائب ، قلما ينفع وإنما يتفقد من يغلب عنه الاشفاق والخوف ، دون العجب ، والمعجب يغتر بنفسه وبربه ، ويأمن مكر الله وعذابه ، ويظن أنه عند الله بمكان ، وأن له على الله منة ، وحقا بأعماله التي هي نعمة من نعمه ، وعطية من عطاياه ، ثم إن إعجابه بنفسه ورأيه وعمله وعقله ، يمنعه من الاستفادة والاستشارة والسؤال ، فيستنكف من سؤال من هو أعلم منه ، وربما يعجب بالرأي الخطاء الذي خطر له فيصر عليه وآفات العجب أكثر من أن تحصى.
٢ ـ كا : عن محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن نضر ابن قرواش ، عن إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : أتى عالم عابدا فقال له : كيف صلاتك؟ فقال : مثلي يسأل عن عبادته؟ وأنا أعبدالله منذ كذا وكذا فقال : كيف بكاؤك؟ قال : أبكي حتى تجري دموعي ، فقال له العالم : فان ضحكك وأنت خائف أفضل من بكائك وأنت مدل ، وإن المدل لا يصعد من عمله شئ (١).
____________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٣١٣.