بساحته عداوتها ، من أبعد الدار ، وأسحق المزار.
اوصيكم عباد الله بتقوى الله واحذركم أهل النفاق ، فانهم الضالون المضلون ، والزالون المزلون ، يتلونون الوانا ، ويفتنون افتانا ، ويعمدونكم بكل عماد ، ويرصدونكم بكل مرصاد ، قلوبهم دوية ، وصفاحهم نقية (١) يمشون الخفاء ، ويدبون الضراء (٢) وصفهم دواء ، وقولهم شفاء ، وفعلهم الداء العياء ، حسدة الرخاء ، ومؤكدوا البلاء ، ومقنطوا الرجاء.
لهم بكل طريق صريع ، وإلى كل قلب شفيع ، ولكل شجو دموع يتقارضون الثناء ، ويتراقبون الجزاء ، إن سألوا ألحفوا ، وإن عذلوا كشفوا ، وإن حكموا أسرفوا.
قد أعدوا لكل حق باطلا ، ولكل قائم مائلا ، ولكل حي قاتلا ، ولكل باب مفتاحا ، ولكل ليل مصباحا ، يتوصلون إلى الطمع باليأس ليقيموا به أسواقهم وينفقوا به أعلاقهم ، يقولون فيشبهون ، ويصفون فيموهون ، قد هينوا الطريق وأضلعوا المضيق ، فهم لمة الشيطان ، وحمة النيران ، اولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون (٣).
____________________
(١) يعني أن قلوبهم مريضة بالشك والريب والنفاق ، وأما ظاهر وجوههم وبشرهم نقية من الامراض ، ذو طلاقة وبشر حسن.
(٢) الضراء كسحاب المشي الخفي ختلا ومكرا ، يقال للرجل إذا ختل صاحبه : هو يدب له الضراء ، ويمشي له الخمر يعني في ظل الشجر الملتف ليواري شخصه وشبحه من أعين الناس.
(٣) نهج البلاغة ج ١ ص ٥٢٥ ، الرقم ١٩٢ من الخطب.