« والله على كل شئ وكيل » (١) فتوكل عليه ، فانه عالم بحالهم ، وفاعل بهم جزاء أقوالهم وأفعالهم.
« مما تشركون من دونه » (٢) أي من إشراككم آلهة من دونه « فكيدوني جميعا ثم لاتنظرون » واجههم بهذا الكلام مع قوتهم وشدتهم وكثرتهم وتعطشهم إلى إراقة دمه ، ثقة بالله واعتمادا على عصمته إياه واستهانة بهم وبكيدهم ، وإن اجتمعوا عليه وتواطؤا على إهلاكه « إني توكلت على الله ربي وربكم » تقرير له والمعنى وإن بذلتم غاية وسعكم لم تضروني فاني متوكل على الله ، واثق بكلاءته ، وهومالكي ومالككم ، ولايحيق بي مالم يرده ولاتقدرون على ما لم يقدره « إلا هو آخذ بناصيتها » أي إلا وهو مالك لها ، قاهر عليها ، يصرفها على مايريد بها ، والاخذ بالناصية تمثيل لذلك « إن ربي صراط مستقيم » أي إنه على الحق والعدل لايضيع عنده معتصم ، ولايفوته ظالم.
وفي تفسير العياشي (٣) عن ابن معمر قال : قال علي بن أبي طالب عليهالسلام : في قوله : « إن ربي على صراط مستقيم » يعني أنه على حق يجزي بالاحسان إحسانا وبالسيئ سيئا ، ويعفو عمن يشاء ويغفر ، سبحانه وتعالى.
« وماتوفيقي » (٤) أي لاصابة الحق والثواب « إلا بالله » أي بهدايته ومعونته « عليه توكلت » فانه القادر المتمكن من كل شئ دون غيره ، قيل : وفيه إشارة إلى محض التوحيد الذي هوأقصى مراتب العلم بالمبدء « وإليه انيب » إشارة إلى معرفة المعاد ، نبه بهذه الكلمات على إقباله على الله بشراشره فيما يأتي ويذر وحسم إطماع الكفار وعدم المبالاة بعداوتهم وتهديدهم بالرجوع إلى الله للجزاء « ولله غيب السموات والارض » (٥) لالغيره « وإليه يرجع الامر كله » لا إلى
___________________
(١) هود : ١٢ (٢) هود : ٥٤ ـ ٥٦.
(٣) تفسير العياشى ج ٢ ص ١٥١.
(٤) هود : ٨٨.
(٥) هود : ١٢٣.