والشر ، فروح الايمان يأمره بالخير ، وينهاه عن الشر ، والشيطان بالعكس ، وهنا يحتمل وجوها :
الاول أن يكون المراد به الملك كما صرح به في بعض الاخبار وسمي بروح الايمان لانه مؤيد له ، وسبب لبقائه ، فكأنه روحه وبه حياته.
الثاني أن يراد به العقل ، فانه أيضا كذلك ، ومتى لم يغلب الهوى والشهوات النفسانية العقل ، لم يرتكب الخطيئة ، فكأن العقل يفارقه في تلك الحالة.
الثالث أن يراد به الروح الانساني من حيث اتصافه بالايمان ، فانها من هذه الجهة روح الايمان ، فاذا غلبها الهوى ولم يعمل بمقتضاها فكأنها فارقته.
الرابع أن يراد به قوة الايمان وكماله ونوره ، فان كمال الايمان باليقين واليقين بالله واليوم الآخر لايجتمع مع ارتكاب الكبائر والذنوب الموبقة ، فمفارقته كناية عن ضعفه ، فاذا ندم بعد انكسار الشهوة مما فعل ، وتفكر في الآخرة وبقائها وشدة عقوباتها ، وخلوص لذاتها ، يقوى يقينه فكأنه يعود إليه.
الخامس أن يراد به نفس الايمان ، وتكون الاضافة للبيان فان الايمان الحقيقي ينافي ارتكاب موبقات المعاصي ، كما اشير إليه بقولهم عليهمالسلام : « لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن » فان من آمن وأيقن بوجود النار وإيعاد الله تعالى على الزنا أشد العذاب فيها ، كيف يجترئ على الزنا وأمثالها ، إذ لو أوعده بعض الملوك على فعل من الافعال ضربا شديدا أو قتلا بل ضربا خفيفا أو إهانة وعلم أن الملك سيطلع عليه لايرتكب هذا الفعل ، وكذا لو كان صبي من غلمانه أو ضعيف من بعض خدمه فكيف الاجانب حاضرا لايفعل الامور القبيحة ، فكيف يجتمع الايمان بأن الملك القادر القاهر الناهي الآمر مطلع على السراير ، ولايخفى عليه الضماير ، مع ارتكاب الكبائر بحضرته ، وهل هذا إلا من ضعف الايمان ، ولذا قيل : الفاسق إما كافر أو مجنون.
السادس أن يقال : في الكافر ثلاثة أرواح هي موجودة في الحيوانات ، وهي الروح الحيوانية ، والقوة البدنية ، والقوة الشهوانية ، فانهم ضيعوا الروح