والمحنة واختلاف الناس في الآراء وفتنه يفتنه أوقعه في الفتنة كفتنه وأفتنه (١) قال سبحانه : « إذ يتلقى المتلقيان » (٢) قال البيضاوي : باذكر ، أو متعلق بأقرب يعني في قوله : « ونحن أقرب إليه من حبل الوريد » أي هو أعلم بحاله من كل قريب « حين يتلقى » أي يتلقى الحفيظان مايتلفظ به « عن اليمين وعن الشمال قعيد » أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد ، أي مقاعد كالجليس ، فحذف الاول لدلالة الثاني عليه ، كقوله : « فاني وقيار بها لغريب » وقيل يطلق الفعيل للواحد والمتعدد كقوله : « والملائكة بعد ذلك ظهير » (٣).
« مايلفظ من قول » مايرمى به من فيه « إلا لديه رقيب » ملك يرقب عمله « عتيد » معد حاضر ، ولعله يكتب عليه مافيه ثواب أو عقاب انتهى.
وأقول : ظاهر أكثر الاخبار الواردة من طريق الخاص والعام أن المتلقيين والرقيب العتيد هما الملكان الكاتبان للاعمال ، فصاحب اليمين يكتب الحسنات ، وصاحب الشمال يكتب السيئات ، وظاهر هذا الخبر أن الرقيب والعتيد الملك والشيطان ، بل المتلقيين أيضا ، ويحتمل أن يكون هذا بطن الآية ، أو يكون الرقيب العتيد صاحب اليمين ، ويكون الزاجر والكاتب متحدا.
٢ ـ كا : عن الحسين بن محمد ، عن أحمد بن إسحاق ، عن سعدان ، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : إن للقلب اذنين فاذا هم العبد بذنب قال له روح الايمان : لاتفعل! وقال له الشيطان : افعل! وإذا كان على بطنها نزع منه روح الايمان (٤).
بيان : « فاذا هم العبد » للنفس طريق إلى الخير وطريق إلى الشر ، وللخير مشقة حاضرة زائلة ، ولذة غائبة دائمة ، وللشر لذة حاضرة فانية ، ومشقة غائبة باقية ، والنفس يطلب اللذة ، ويهرب عن المشقة ، فهو دائما متردد بين الخير
____________________
(١) القاموس ج ٤ ص ٢٥٤.
(٢) ق : ١٧.
(٣) التحريم : ٤.
(٤) الكافى ج ٢ ص ٢٦٧.