ونصب الوالي والامر بولايته ، ويحتمل أن لايكون ذلك من قبيل النسخ ، و يكون ذكر النسخ لبيان عجزهم عن فهم معاني الايات وخطائهم في الاستدلال بها كما أنهم لايعرفون الناسخ والمنسوخ ، ويستدلون بالايات المنسوخة على الاحكام مع عدم علمهم بنسخها ، وعد المنسوخات التي لايعلم نسخها من المتشابهات فالمنسوخة أخص مطلقا من المتشابهة.
ولما كان المحكم غير المتشابه ، والناسخ غير المنسوخ ونقيض الاخص أعم من نقيض الاعم ، غير الاسلوب في الفقرة الثانية فقال : « والمحكمات من الناسخات » للاشارة إلى ذلك ، وتسمية غير المنسوخ مطلقا ناسخا إما على التوسع وإطلاق لفظ الجزء على الكل ، أو لكونها ناسخة للشرائع السالفة ، أو للاباحة الاصلية التي كانوا متمسكين بها قبلها ، ويمكن حمل الناسخ على معناه وحمل الكلام على القلب ، بأن يكون الناسخ أيضا أخص من المحكم ، ولافساد فيه لعدم انحصار الايات حينئذ في الناسخة والمنسوخة.
وقيل : لما كان بعض المحكمات مقصور الحكم على الازمنة السابقة ، منسوخا بآيات اخر ، ونسخها خافيا على أكثر الناس ، فيزعمون بقاء حكمها صارت متشابهة من هذه الجهة ، ولهذا قال عليهالسلام : « فالمنسوخات من المتشابهات » وفي بعض النسخ من المشتبهات ، وإنما غير الاسلوب في اختها لان المحكم أخص من الناسخ من وجه بخلاف المتشابه ، فانه أعم من المنسوخ مطلقا انتهى ، وفيه أن كون المتشابه أعم من مطلق المنسوخ مطلقا لاوجه له إلا أن يخص بمنسوخ لم يعلم نسخه كما أومأنا إليه ، وقيل : الظاهر أن الفاء للتفسير لزيادة تفظيع حالهم بأنهم يتبعون المنسوخات والمتشابهات ، دون المحكمات والناسخات ، لان المنسوخات من باب المتشابهات في التشابه إذ يشتبه عليهم ثباتها وبقاؤها ، والمحكمات من قبيل الناسخات في الثبات والبقاء ، فإذا اتبعوا المتشابهات اتبعوا المنسوخات ، لانهما من باب واحد ، وإذا اتبعوا المنسوخات لم يتبعوا الناسخات ، وإذا لم يتبعوا الناسخات لم يتبعوا المحكمات ، لانهما أيضا من باب واحد.