يتم هذا وقد نصب لامته علما ، وأقام لهم إماما؟ فقال لهم إبليس : لاتجزعوا من هذا فان امته ينقضون عهده ويغدرون بوصيه من بعده ، ويظلمون أهل بيته ، و يهملون ذلك لغلبة حب الدنيا على قلوبهم ، وتمكن الحمية والضغائن في نفوسهم واستكبارهم وعزهم فأنزل الله تعالى « ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين » (١).
بيان : « باللغو في أيمانكم » قال في المجمع : هو مايجري على عادة الناس من قول « لا والله ، وبلى والله » من غير عقد على يمين يقتطع بها مال أو يظلم بها أحد ، وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبدالله عليهماالسلام وقيل : هو أن يحلف وهو يرى أنه صادق ، ثم تبين أنه كاذب فلا إثم عليه ولاكفارة ، وقيل : هو يمين الغضب لايؤاخذ بالحنث فيها ، وقال مسروق : كل يمين ليس له الوفاء بها فهي لغو ولاتجب فيها كفارة « بما كسبت قلوبكم » أي بما عزمتم وقصدتم ، لان كسب القلب العقد والنية ، وفيه حذف أي من أيمانكم وقيل : بأن تحلفوا كاذبين أو على باطل انتهى (٢).
والاستدلال بآية التفكر لانه من فعل القلب وكذا التدبر فان قوله تعالى « أفلا يتدبرون القرآن » أي أفلا يتصفحونه وما فيه من المواعظ والزواجر ، حتى لايجسروا على المعاصي ، وما فيه من الدلائل والبراهين على جميع اصول الدين فيرتدعوا عن الكفر بها « أم على قلوب أقفالها » لايصل إليها ذكر ، ولاينكشف لها أمر ، وقيل : « أم » منقطعة ، ومعنى الهمزة فيه التقرير ، وتنكير القلوب لان المراد قلوب بعض منهم أو للاشعار بأنها لابهام أمرها في القساوة ، أو لفرط جهالتها ونكرها ، كأنها مبهمة منكورة ، وإضافة الاقفال إليها للدلالة على أقفال مناسبة لها مختصة بها لاتجانس الاقفال المعهودة.
« ولكن تعمى القلوب » أي عن الاعتبار ، والمعنى ليس الخلل في مشاعرهم
____________________
(١) سبأ : ٢٠.
(٢) مجمع البيان ج ٢ ص ٣٢٣.