بيان : لم يكن في بعض النسخ من قول الله إلى قول الله ، فهو على قياس سائر الاخبار ، وعلى تقديره فصدر الاية « يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم » أي من حلاله أو من جياده « ومما أخرجنا لكم من الارض » أي ومن طيبات ما أخرجنا من الحبوب والثمر والمعادن ، فحذف المضاف لتقدم ذكره « ولاتيمموا الخبيث » أي ولاتقصدوا الردي « منه » أي من المال أو مما أخرجنا ، وتخصيصه بذلك لان التفاوت فيه أكثر « تنفقون » حال مقدرة من فاعل « تيمموا » ويجوز أن يتعلق به « منه » ويكون الضمير للخبيث والجملة حالا منه ، وروي عن ابن عباس أنهم كانوا يتصدقون بحشف التمر وشراره فنهوا عنه ، وكأن وجه التشبيه أن الاعمال الصالحة إنفاق من النفس ، وإذا فارقها روح الايمان بسبب الاعمال السيئة تصير خبيثا فلا يصلح الانفاق منها إلا بعد تطهيرها بالتوبة والاعمال الصالحة ، أو يقال الانفاق من الايمان والايمان المشوب بالكبائر خبيث كالمال الردي الذي كانوا يخرجونها في الزكوات ولا يقبل الله إلا الطيب كما قال تعالى « إنما يتقبل الله من المتقين » وقيل : وجه المماثلة أن إيمان الزاني ناقص ، لا أنه معدوم بكله ، كما أن الانفاق من مال الخبيث ناقص لا أنه ليس بانفاق أصلا.
١٢ ـ نهج : في حديثه عليهالسلام : إن الايمان يبدو لمظة في القلب كلما ازداد الايمان ازدادت اللمظة (١).
بيان : قال السيد ـ ره ـ بعد هذا الكلام : اللمظة مثل النكتة أو نحوها من البياض ، ومنه قيل فرس ألمظ إذا كان بجحفلته شئ من البياض انتهى.
وقال ابن أبي الحديد : قال أبوعبيد : هي لمظة بضم اللام ، والمحدثون يقولون لمظة بالفتح ، والمعروف من كلام العرب الضم ، وقال : وفي الحديث حجة على من أنكر أن يكون الايمان يزيد وينقص ، والجحفلة للبهائم بمنزلة الشفة للانسان.
____________________
(١) نهج البلاغة : ج ٢ ص ٢٠٤.