سفارها ، وأعلام قصد بها فجاجها ، ومناهل روي بها ورادها ، جعل الله فيه منتهى رضوانه ، وذروة دعائمه ، وسنام طاعته ، فهو عند الله وثيق الاركان ، رفيع البنيان منير البرهان ، مضئ النيران ، عزيز السلطان ، مشرف المنار ، معوز المثار فشرفوه واتبعوه ، وأدوا إليه حقه ، وضعوه مواضعه (١).
بيان : الاصطفاء ، الاختيار أي اختاره لان يكون طريقا إلى طاعته وسبيلا إلى جنته ، والاصطناع افتعال من الصنيعة وهي العطية والكرامة والاحسان ، و اصطنعه أي اختاره واتخذه صنيعة واصطنع خاتما أي أمر أن يصنع له ، وقال : بعض شراح النهج : تقول اصنع لي كذا على عيني ، أي اصنعه صنعة كالتي تصنعها وأنا حاضر أشاهدها بعيني ، فالمعنى أمر بأن يصنع الاسلام كالمصنوع المشاهد للامر أي أسس قواعده على ما ينبغي ، وعلى علم منه بدقائقه ، وقيل أي على علم منه بشرفه وفضله ، وقيل أي اختاره أو أمر بأن يصنع حافظا له كما يقال في الدعاء بالحفظ والحياطة : « عين الله عليك » و « على » يفيد الحال على الوجوه ، واصطفيت الشئ أي آثرته واصطفيته الود أي أخلصته.
« وأصفاه خيرة خلقه » أي آثر واختار للبعثة به خيرة خلقه ، أو جعل خيرة خلقه خالصا لتبليغه دون غيره ، والخيرة بالكسر وكعنبة الاسم من الاختيار ، و الدعامة بالكسر عماد البيت ، والضمير في محبته للاسلام أو لله « وذلة الاديان » نسخها أو المراد ذلة أهلها ، وكذا وضع الملل ، وهو الحط ضد الرفع يحتملهما وخذله كنصره ترك نصرته ، والمحادة المخالفة ومنع ما يجب عليك من الحد بمعنى المنع وركن الشئ جانبه الذي يستند إليه ويقوم به ، وأركان الضلالة العقائد المضلة أو رؤساء أهل الضلال ، أو الاصنام ، وركنه اصوله وقواعده أو النبي صلىاللهعليهوآله أو كلمة التوحيد ، وحياضه قوانينه أو النبي والائمة صلوات الله عليهم ، أو العلماء أيضا وماؤها العلم والهداية ، وتئق الحوض كفرح أي امتلا وأتاقه : أملاه ، والماتح المستقي الذي يستخرج الدلو والحياض هنا المستفيدون ومواتحه الائمة الاخذون
__________________
(١) نهج البلاغة ط عبده ج ١ ص ٤٣٣ تحت الرقم ١٩٦ من الخطب.