ومن وصلت إليه الدعوة فلم يسلم ، ولم يصدق ولو ببعضها إما لاستكبار و علو أو لتقليد للاسلاف وتعصب لهم ، أو غير ذلك ، فهو كافر بحسبه ، أي بقدر عدم تسليمه ، وترك تصديقه كفر جحود ، وعذابه عظيم على حسب جحوده ، وإليهم الاشارة بقوله سبحانه « إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون * ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم » (١).
ومن وصلت إليه الدعوة فصدقها بلسانه وظاهره ، لعصمة ماله أو دمه ، أو غير ذلك من الاغراض ، وأنكرها بقلبه وباطنه ، لعدم اعتقاده بها ، فهو كافر كفر نفاق وهو أشدهم عذابا وعذابه أليم بقدر نفاقه وإليهم الاشارة بقوله سبحانه « ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الاخر وما هم بمؤمنين * يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون * في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ـ إلى قوله ـ إن الله على كل شئ قدير » (٢).
ومن وصلت إليه الدعوة فاعتقدها بقلبه وباطنه لظهور حقيقتها لديه ، وجحدها أو بعضها بلسانه ، ولم يعترف بها حسدا وبغيا وعتوا وعلوا أو تقليدا وتعصبا أو غير ذلك فهو كافر كفر تهود ، وعذابه قريب من عذاب المنافق ، وإليهم الاشارة بقوله عزوجل « الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون » (٣) وقوله « فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين » (٤) وقوله « إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون » (٥) وقوله « ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا * اولئك هم الكافرون حقا » (٦) وقوله « أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض » إلى قوله « أشد
__________________
(١) البقرة : ٦ ـ ٧.
(٢) البقرة : ٨ ـ ٢٠. (٣) البقرة : ١٤٦.
(٤) البقرة : ٨٩. (٥) البقرة : ١٥٩.
(٦) النساء : ١٥٠.