وقيل في الجوابب : لعل عمل غير المؤمن ينفعه في تخفيف العقوبة ، ورفع شدتها ، لا في دخول الجنة ، إذ دخولها مشروط بالايمان.
الثاني أنه تعالى قال : « من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة » (١) والقرض الحسن هو العبادة الواقعة على كمالها وشرايط قبولها ، ومن جملة شرائطها هو الايمان ، فالمؤمنون هم الذين يضاعف الله عزوجل لهم حسناتهم لا غيرهم ، فيعطيهم لكل حسنة عشرة وربما يعطيهم لكل حسنة سبعين ضعفا ، فهذا فضل المؤمن على المسلم ، ويزيد الله في حسناته على قدر صحة إيمانه وحسب كماله أضعافا كثيرة حتى أنه يعطي بواحدة سبعمائة أو أزيد ، ويفعل الله بالمؤمنين ما يشاء من الخير الذي لا يعلمه إلا هو ، كما قال « ولدينا مزيد » (٢).
وقيل : أراد بما يشاء من الخير إيتاء العلم والحكمة وزيادة اليقين والمعرفة
الثالث ما ذكره بعض الافاضل ويرجع إلى الثاني ، وهو أن المراد بالقرض الحسن صلة الامام عليهالسلام كما ورد في الاخبار فالغرض من الجواب أنه كما أن القرض يكون حسنا وغير حسن ، والحسن الذي هو صلة الامام ، يصير سببا لتضاعف أكثر من عشرة ، فكذلك الصلاة والزكاة والحج تكون حسنة وغير حسنة والحسنة ما كان مع تصديق الامام ، وهو يستحق المضاعفة لا غيره ، فالفاء في قوله : « فالمؤمنون » للبيان ، وقوله : « يضاعف الله » بتقدير قد يضاعف الله ، وإلا لكان الظاهر عشرة أضعاف « ويزيد الله » أي على السبعين أيضا.
قوله : « أرأيت من دخل في الاسلام » كأن السائل لم يفهم الفرق بين الايمان والاسلام بما ذكره عليهالسلام فأعاد السؤال ، أو أنه لما كان تمكن في نفسه ما اشتهر بين المخالفين من عدم الفرق بينهما ، أراد أن يتضح الامر عنده ، أو قاس الدخول في المركب من الاجزاء المعقولة بالدخول في المركب من الاجزاء المقدارية فان من دخل جزءا من الدار صدق عليه أنه دخل الدار ، فلذا أجابه عليهالسلام بمثل
__________________
(١) البقرة : ٢٤٥.
(٢) ق : ٣٥.